كتاب الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

من (¬١) وراء ذلك كلّه.
فإذا أراد الله بعبده خيرًا فتح له بابًا من أبواب التوبة، والندم، والانكسار، والذل، والافتقار، والاستغاثة به (¬٢)، وصِدْقِ اللَّجأ إليه، ودوام التضرع، والدعاء، والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات = ما تكون تلك السيئة به سبب رحمته، حتى يقول عدو الله: يا ليتني تركته ولم أُوقِعْهُ.
وهذا معنى قول بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب يَدْخُلُ به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار، قالوا: كيف؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصْبَ عينيه، خائفًا منه مُشفِقًا وَجِلًا باكيًا نادمًا (¬٣)، مستحيًا من ربه تعالى، ناكس الرأس بين يديه، منكسر القلب له (¬٤)؛ فيكون ذلك الذنب سبب سعادة العبد وفلاحه، حتى يكون ذلك الذنب (¬٥) أنفع له من
---------------
(¬١) (ح) و (ت) و (ق): "ومغفرته وراء ذلك كلّه".
(¬٢) (ح): "والاستعانة به".
(¬٣) "نادمًا" من (ح) و (ق).
(¬٤) روى الإمام أحمد في "الزهد" (٣٩٧)، وابن المبارك في "الزهد" (١٦٢) من مرسل الحسن البصري: "إن العبد ليُذْنِب الذّنب فيدخل به الجنة. قيل: كيف؟ قال: يكون نصْب عينيه ثابتًا قارًّا حتى يدخل الجنة".
وجاء هذا المعنى من قول أبي موسى وأبي أيوب رضي الله عنهما، ومن قول الحسن وأبي حازم.
انظر: "الزّهد" لهنّاد (٩١٠، ٩١١)، ولابن المبارك (١٦٣، ١٦٤)، ولأحمد (٢٧٧)، و"الحلية" لأبي نعيم (٣/ ٢٤٢)، و (٧/ ٢٨٨)، و"شعب الإيمان" للبيهقي (١٢/ ٥٣٢).
(¬٥) من قوله: "سبب سعادة العبد" إلى هنا، ساقط من (ت) و (ح) و (ق).

الصفحة 9