كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

فصل
واختَلف أهلُ العلم في التَّحسين، والتَّقبيح، والِإباحة، والحَظْر، هل هي من قضاياه؟.
فذهب أصحابُ الحديث وأهلُ السنة والفُقهاءُ إلى أن لا تَحسين ولا تَقبيح، ولا إباحة ولا حظر، إلا من قِبَل الشرع، وذهبَ كثير من المتكلّمين إلى، أن التَّحسين والتَّقبيح من قضايا العقل (١)، وإليه ذهبَ أبو الحَسن التَّميمي (٢) - من أصحابنا- على ما حُكي عنه، والمُعوَّل على تَقبيح الشرعِ وتَحسينِهِ. والعَقل محكومٌ عليه لا حاكم في هذه القضايا.
والدلالة على ذلك بحَسَب هذا الكتاب، وأنه أصولُ فِقه لا أصول الدين، أنَّ القائلين بتَقبيح العقَل- كالبَراهمة (٣) - قبحوا إيلام الحيوان وإتعابه، وحَسنوا منه ما لا يمكن دفع الأضرّ عنه والألم إلا به، وهو الأقل الذي يضطر إليه لدفع الأكثر، كالفَصد، والحِجامة، وقَطع المُتآكلِ، وأجمعوا على تَقبيح ما استغني عنه.
---------------
(١) سيورد المؤلف في الصفحة (٢٠٠) من هذا الجزء فصلَاً كاملًا في الفرق بين مذهب أهل السنة والمتكلمين في ذلك. وانظر "شرح مختصر الروضة" ١/ ٤٠٢ - ٤٠٩.
(٢) عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث، فقيه حنبلي، صنف كتاب "الأصول" و"الفرائض"، توفي سنة ٣٧١ هـ، "طبقات الحنابلة" ٢/ ١٣٩.
(٣) قوم من أهل الهند سُمّوا بذلك نسبة إلى رجل منهم يدعى: براهم، وهم ينكرون بعثة الرسل والنبوات أصلاً. "الملل والنحل": ٥٠٦.

الصفحة 26