كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

قَضاءٌ وغُرمٌ وطَلاقٌ وحَدّ. وهذا فارغ من المعنى الذي قَصدناه.
والدلالة على إبطال القَول بتكليف العازِب العقل، أو الذِّكر من الساهي والذاهل، ما هو ساهٍ عنه، وذاهلٌ عنه؛ أنَ اللهَ سبحانه إنما كلَّف من كلَّفه فِعلاً، أنْ يقعَ ذلك الفعلُ منه على وَجه التَقربِ إليه والطاعةِ له، أو كلفه اجتناباً يقع منه على وَجهٍ بقصدِ التقرب، ولا يَصح أن يقعَ التقرُّبُ إليه بالفعلِ أو التَركِ إلا بَعد أن يَقَع وهو عَالمٌ به حتى يصح القَصدُ إليه دونَ غيره، والساهي لا يَصح أن يكونَ مع سهوهِ عالماً، فكيفَ يصحُ أن يكونَ بالفعلِ أو التَّركِ متقرباً؟ فثبتَ بهذا أنه غيرُ داخلٍ تحتَ التَكليف.
وأيضاً لو قيل للساهي: اقصِدِ التقرُّبَ بفعلِ ما أنتَ ساهٍ عَن فعله، أو التقربَ بالاجتناب له، لوجب أن يقصدَ إلى إيقاعِ ما يَعلمُ أنه ساهٍ عنه أو اجتنابهِ، وعَلمُه بأنه ساهٍ عنه ينقض كونه ساهياً عنه، ويعودُ فيخرجُ -بهذا- العلمُ عن كونه ساهياً عنه، ولو دَفعه وخرج عنه، لاستحال كونه ساهياً عنه مع كونِه عالماً به.
وأما الدلالة على إحالةِ تكليفِ النائمِ والسكران، والمغلوب على عقلِهِ بالإِغماء، فهو الدليل الذي دل على نَفي تكليف البهيمة، وَالطفل الذي لا يعقل، والمجنون، لاشتراكِ جميعهم في زوال العقل والتمييز، بل قد عُلِم أن الطفلَ والمجنون والبهيمة، أقربُ إلى العِلم والقصد إلى كثيرٍ من الأفعال من المغلوب والنائم والسكران، فإن الطفلَ والمجنونَ يَظهر من قُصودهم واتباعِ ماَ يُرام منهم بالمُداراةِ والإِشارةِ، فِعلاً لما

الصفحة 71