كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

فصل

في أحكامِ الأفعالِ الداخلةِ تحتَ التكليفِ، وما ليس بداخلٍ تحته.
اعلم أنَّ احكامَ جميعِ الافعالِ لا تخرجُ عن حُكمين: عقلي وشَرعي، لا ثالثَ لهما، فأما الأحكامُ العقليةُ الثابتة لها، فهي التي يكون عليها في ذواتِها من الأحكام والصفاتِ، إما لأنْفُسِها وما هي عليه في أجناسِها التي خَلَقَها الأالله عزَ وجل عليها، أو بمعانٍ تتعلقُ بها ضَرباً من التعليق:
فالأول: نحو؛ الفِعلُ، حركة وسكوناً، وإرادةً وعِلماً، ونَظراً، وأمثال ذلك.
والثاني: نحو؛ كونُ الفعلِ مَقدوراً ومعلوماً، ومُدرَكاً ومُراداً ومذكوراً وأمثالُ ذلك مما يُوصفُ به، لتعلقِ العلمِ والإِرادةِ والقدرةِ والذكر بها.
وكذلك وصفُها بأنها أعراضٌ، وحوادثُ، وموجودةٌ، وعينٌ ثابتةٌ، ونحوُ هذا، إنما هي أحكامٌ عقليةٌ، فلا يجوز أن يثبتَ لها حكمٌ عقلي لمعانٍ تُوجد بها، وتختصُّ بذواتِها، لكونها أعراضاً يَستحيلُ حملُها لأمثالِها من الأعراضِ، وذلك نحو استحالةِ وصفِها بأنَها مُتحركةٌ وساكنةٌ وحَية وعالمةٌ مريدةٌ، وأمثال ذلك.
وعلى هذه الأحكام التي قدمنا ذكرَها أحكام عقليةٌ غيرُ شرعيةٍ، ومعنى إضافتِها إلى العَقَلِ: أنَّها مما يُعلمُ كونُ الفعلِ عليها بقَضيةِ العقل المنفردِ عن السمع، وقَبل مَجيء السمع.
فكل حُكمٍ لفعلٍ عُلم من هذا الطريقِ مما ذكرناه وأضربنا عن

الصفحة 85