كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

كانَ يقتضي الدوام، لما حَسن تقييده به، ليس بتعلق صحيح؛ لأن الِإطلاقَ يعطي الدوامَ بظاهرهِ، فإذا نطق به أعطى ذلك بصريحه، ولا يجوز جحد حسنِ الترقي من الظاهرِ إلى النصّ، بل لا يحسن حجد التصريحِ بالحقيقةِ مع كونِ الِإطلاقِ ينصرف إليها، مثل قول القائل: رأيت زيدأ نفسَه. فمن حيث حسن الاستفهام، لإِزالةِ الشبهةِ عن المستفهمِ، حسنَ التصريحُ الذي هو أعلى من رتبةِ الظاهرِوالتأكيدِ بذكرِ الحقيقةِ الذي هو أصرحُ من الإِطلاقِ، لِإغناءِ المخاطَب عن كلفةِ الاستفهامَ.

فصل
يجمعُ ما تعلق به من ذهب إلى أنه يقتضي مرة واحدة (١)
قالوا: قوله: صلِّ. أمرٌ، بينما قولُه: صلى. خبرٌ عنه، ثم ثبتَ أن قولَ القائلِ: صلى زيدٌ. لا يقتضي التكرار، كذلكَ قوله: صل يا زيد. لا يقتضي التكرارَ.
قالوا: قوله: صَلِّ، وصُمْ. لا يقتضي أَكثرَ من إيجادِ ما يقعُ عليه اسم صلاة وصوم، ويقع على فاعلهِ بأنه صلى أو صامَ.
يوضحُ هذا: أنه إذا فعلَ صلاة حَسن أن يقول: قد صليتُ. وإذا صامَ يوماً، حَسُن أنْ يقول: صمت، فهذا غايةُ ما في قوة
---------------
(١) انظر أدلة جمهور الأصوليين القائلين بأنَّ الأمرَ لا يقتضي التكرار في: "البرهان" ١/ ٢٢٧ - ٢٣١، و"التبصرة" ص (٤١ - ٤٦)، و"الإحكام" للآمدي ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩، و"المحصول" ص (٩٨ - ١٠٧)، و "أصول السرخسي" ١/ ٢٥.

الصفحة 564