كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)

لهم ما يدّعونه من نفي الاحتمالِ.
الثاني: أن قولَه: صلاة. يحتملُ مثل الصلاة، كقوله: عرضها السماوات، كعرض السماوات، وأنه يفيدُ أْن يأتي بصلاةٍ كالصلاة الأولى، فلا يصفو عوده إلى الأولى مع هذا الاحتمالِ أيضاً.
الثالث: أنه يحتمل جنسَ الصلاة، فأين زوالُ الاحتمال؟

فصل
في المأمورات التي يتعذر تكرُرها، فيمتنعُ ورودُ الأمر مكرراً إلا على وجه التأكيدِ.
وامتناعُ ذلكَ من وجوه شتى:
فمن ذلك: ما يمتنعُ من طريقِ العقلِ، كالأمرِبقتل شخصٍ، وذبح شاةٍ، فهذا مما لا يمكن تكراره، إذ لا يقتل الحيُّ إلا مرةً واحدةً، ولا تُذبحُ الشاةُ إلا دفعةً، إذ لا نفس تزهق إلا واحدةً.
فإذا قال: اقتل فلانَ المشركَ، واذبح شاتَك. ثم كررَ الأمرَ، لم يكن في التكرارِ إلا تأكيدَ الأمر بفعل المأمورِ به. لاستحالةِ قتلين في شخصٍ ما لم تعد إليه الحياةُ مَرةً أَخرى.
وكذلك كسرُ الإِناء، وإتلافُ سائرِ ما إذا أتلفَ لم يُتصوَّر إعادةُ الإِتلافِ له.
ومن ذلك: ما يمتنعُ من طريقِ الشرعِ، فجعلَ الشرعُ له كالإتلافِ المقدَّم ذكرهُ، وهو الأمرُ بعتق عبده، فإنه يعتقُ بالإعتاق، ولا يتكرر إعتاقه، إذ لا بقاءَ للرقِّ في العبد بعد العتقِ، كما لا بقاءَ للحياةِ في

الصفحة 14