كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)

ووافقنا على المذهب الأول القاضي الإِمام أبو بكر الباقلاني.
وما اختلف أهلُ العلمِ أجمعَ على أنَه لا يأثم بالتأخر عن أوله؛ من قال بالوجوب، ومن لم يقل.
واتفقوا أنها إذا فعلت بعد خروج الوقت كانت قضاءً، وإذا فُعلت في أوَّلهِ كانت أداءً لا سَلَفاً، بل واقعةٌ موقع الواجب، من قال بأن الوجوب يتعلّق بالوقت الأول منهم، ومن قال يتعلق بالوقت الأخير.
اتفقوا على المذهب وأنها تقعُ أداءً في أوَلهِ، قضاءً بعد خروجه.

فصلٌ
في اختلافِ القائلين بأنه واجبٌ في جميع أجزاءِ الوقت، وأنَ له تقديمَه، وله تأخيرهُ، هل له تركُه في أول الوقت إلى وسطِه وآخِره ببدل يقوم مقامَه، أو لا؟ فقال منهم قائلون: إنَه ليس له تركُه في أوّل الوقت وما يليه إلى حين وقت التضييق إلا ببدل يقوم مقامه.
ولأنَه لا شيءَ يصحُ أن يكونَ بدلًا إلا فعل العزم على أدائه في المستقبل، إن بقي بصفة من يلزمه الفعل، وهو شروطُ التكليفِ التي يصحُّ مع وجودِها الخطاب به (١).
---------------
= انظر "الفصول في الاصول" ٢/ ١٢٢، و "أصول السرخسي" ١/ ٣٢
(١) هذا ما ذهب إليه القاضي أبو يعلى حيث بين ثمرة الخلاف بينه وبين من يقول إن الواجب يتعلق بآخر الوقت، فقال:
" ... وليس بخلاف في عبادة، لأنا لا نجيز له تأخيرَ الفعل عن أول الوقت إلى آخره إلا بشرطِ العزم" أي بشرط العزم على فعله، انظر "العدة" ١/ ٣١١.
وهو رأيُ جمهور المتكلمين وفق ما قرره الزركشي في "البحر المحيط" حيث =

الصفحة 45