كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)
فصل
في جمع شُبههم
فمنها: أنَّ القرآنَ وردَ بذلك؛ وهو الأصلُ المعمولُ به، وعليه [المعوَّل] (١) في اللّغة والشرع، فقال سبحانه: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: ٤٢] وقال: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: ٣٩ - ٤٠] فقد استثنى الغاوينَ من جملة العباد والمخلصين من جملتهم، وأّيّهما كان أكثر فقد استئناهُ.
على أنَّ النصوصَ تُعطي أنَّ الغاوين أكثر بدليل قوله تعالى: {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: ١٧] صدقه اللهُ على ذلك بقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣]، {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: ١٠٣] , {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: ٦٣]، {لَا يُؤْمِنُونَ} (٢) ومنها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ...} [المزمل: ١ - ٤]،، فقد استثنى النصفَ، وليس بأقلَّ (٣).
ومنها: أنَّه معنى يُخرَجُ به من العموم ما لولاه لدخلَ فيه، أو لفظ، يُخرجُ من الجملة ما لولاهُ لدخلَ فيها، فجازَ أن يُخرجَ الأكثر كالتخصيص.
ومنها: أنَّه استثناء بعضِ ما يتناولُه العمومُ، فصح كما لو استثنى الأقل.
---------------
(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) يعني قوله تعالى: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، [البقرة: ١٠٠].
(٣) "العدة" ٢/ ٦٧٠.
الصفحة 477