كتاب الواضح في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)

أحدها: أنه يقتضي التكرارَ. وهو أحدُ الوجهين لأصحاب الشافعي، واختاره شيخنا الإمام أبو إسحاق الفيروز آبادي (١) رضي الله عنه.
والثاني: لايقتضي التكرار، وهو اختيار أبي بكر الصيرفي (٢).
وقالت الأشعرية فيما حكاه بعضُ الفقهاء عنهم في ذلك: بالوقف إلى أن ترِدَ دلالة بِمَيْله إلى أحد محتمليه: التكرار أو مرة.
وقال القاضي أبو بكر: إنّه يقتضي تكرر الفعل، وأنه ليس على الوقف، بخلاف الأمر والعموم.
وقال أصحاب أبي حنيفة: إن كان أمرهُ في الثاني بلفظٍ يقتضي تقريرَ الأول مثل أن يذكره بالألف واللام، فيقولُ في الأولِ: صل، ثم يقولُ في الثاني: صَل الصلاةَ، فلا يقتضي التكرار بل تعود الألفُ واللامُ إلى الأول.
وإن كان الأمرُ الثاني تنكيراً من المأمور فيقول: صل صَلاةً، أو صَل. كان مقتضياً لصلاة مستأنفة (٣).
---------------
(١) انظر رأي أبي اسحاق الفيروز آبادي هذا في "التبصرة" ص (٥٠). وهو رأي جمهور الشافعية، انظر "الإحكام" ٢/ ٢٧١.
(٢) أي أنه حَمله على التأكيدِ ليفيدَ ذات المعنى الأول، ولم يحمله على التأسيس لافادة معنى جديد.
(٣) قال الجصَّاص: "تكرار الأمر يوجبُ تكرار الفعل، وإن كان في صورة الأول، ما لم تقم الدلالة على أنَّ المراد بالثاني هو الأول. نحو قول القائل: تصدق بدرهم، ثم يقول له بعد ذلك تصدق بدرهم، فيكون الثاني غير الأول" =

الصفحة 9