فسادَه.
وأيضأ: فإنَّهم ناقضوا في هذا، فإنَّهم لا يزالون يتركونَ القياسَ بخبرِ الواحدِ، ويسمونَه موضع الاستحسان، فمن ذلك: قولُهم: من أكلَ ناسياً، بطلَ صومُه، إلا أنا تركناه لخبر أبي هريرة (١). وقالوا: القياسُ أنَّه لا يجوزُ التوضؤ بنبيذِ التمر، ولكن تركناه لخبرِ عبد الله ابن مسعود (٢)، وأمثالُ ذلك على أصلهم كثيرٌ.
وإن أرادوا بالأصول (٣): الكتابَ والسنةَ والإجماعَ، فكذلكَ نقول، إلا أنَّهم يقولون ذلك في مواضع لا كتابَ فيها ولا سُنَّةَ ولا إجماعَ، وهي (٤) في خبرِ المُصرَّاةِ والتفليسِ والقرعةِ، فلا وجهَ لما قالوه.
وأيضاً: فإن خبرَ الواحدَ أصلٌ بنفسِه، وأصلٌ لغيره -وهي المعاني المستنبطة-، فلو جازَ أن يتركَ لأجلِ الأصلِ، لجازَ أن تتركَ الأصولُ له.
فصل
خبرُ الواحدِ لا يوجبُ العلمَ؛ لا الضروريَّ، ولا المكتسبَ، على الصحيح من الروايتين عن صاحبنا (٥).
---------------
(١) تقدم تخريجه ٢/ ١١٤.
(٢) تقدم تخريجه ٢/ ١٤٤.
(٣) في الأصل: "بالقول".
(٤) في الأصل: "هو".
(٥) نص على ذلك القاضي في "العدة" ٣/ ٨٩٨، وابن تيمية في "المسودة" (٢٤٠).