كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 1)
(ذكر الْفَتى عمره الثَّانِي وَحَاجته ... مَا فَاتَهُ وفضول الْعَيْش أشغال)
وَلم أخل بِذكر وَفَاة أحد مِنْهُم إِلَّا فِيمَا ندر وشذ وانخرط فِي سلك أقرانه وَهُوَ فذ لِأَنِّي لم أتحقق وَفَاته وَكم من حاول أمرا فَمَا بلغه وَفَاته على أَنه قد يَجِيء فِي خلال ذَلِك من لَا يضْطَر إِلَى ذكره ويبدو هجر شوكه بَين وصال زهره
قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يصل أحد من النَّحْو إِلَى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا بعد معرفَة مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ قلت فقد صَار مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ مُحْتَاجا إِلَيْهِ لِأَن المتوقف وجوده على وجود شَيْء آخر مُتَوَقف على وجود ذَلِك الشَّيْء وَهَكَذَا كل علم لَا يبلغ الْإِنْسَان اتقانه إِلَّا بعد تَحْصِيل مَا لم يفْتَقر إِلَيْهِ فقد اذكر فِي كتابي هَذَا من لَا لَهُ مزية وَجعلت أصْبع الْقَلَم من ذكره تَحت رزة رزية غير أَن لَهُ مُجَرّد رِوَايَة عَن المعارف متفردة وَلم تكن لَهُ دراية حمائمها على غصون النَّقْل مغردة الْبَسِيط
(والأيك مُشْتَبهَات فِي منابتها ... وَإِنَّمَا يَقع التَّفْضِيل فِي الثَّمر)
وَلَكِن أردْت النَّفْع بِهِ للمحدث والأديب وَالرَّغْبَة فِيهِ للبيب والأريب وَجعلت ترتيبه على الْحُرُوف وتبويبه وتذهيب وَضعه بذلك وتهذيبه على أنني ابتدأت بِذكر سيدنَا مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ هُوَ الَّذِي أَتَى بِهَذَا الدّين الْقيم وسراجه وهاج وَصَاحب التَّنْبِيه على هَذِه الشرعة والمنهاج فاذكر تَرْجَمته مُخْتَصرا وأسرد أمره مُقْتَصرا لِأَن النَّاس قد صنفوا الْمَغَازِي وَالسير وأطالوا الْخَبَر فِيهَا كَمَا أطابوا الْخَبَر ومليت لما ملئت بشمائله مهارق التواليف وَرفعت لما وضعت تيجانها على مفارق التصانيف فَأول من صنف فِي الْمَغَازِي عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا ثمَّ مُوسَى بن عقبَة ثمَّ عبد الله بن وهب ثمَّ فِي السّير ابْن إِسْحَق وَرَوَاهَا عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم من زَاد وَمن نقص فَمنهمْ زِيَاد بن عبد الله البكائي شيخ عبد الْملك بن هِشَام مُخْتَصر السِّيرَة وَسَلَمَة بن الْفضل الأبرش وَمُحَمّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي وَيُونُس بن بكير الْكُوفِي وَعمل أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي رَحمَه الله تَعَالَى كتاب الرَّوْض الْأنف فِي شرح السِّيرَة الْمشَار إِلَيْهَا وَوضع عَلَيْهِ شَيخنَا الإِمَام الْحَافِظ شمس الدّين الذَّهَبِيّ كتابا سَمَّاهُ بلبل الرَّوْض وَفِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى لِابْنِ سعد سيرة مُطَوَّلَة ثمَّ دَلَائِل النُّبُوَّة لأبي زرْعَة الرَّازِيّ شيخ مُسلم ثمَّ دَلَائِل السَّرقسْطِي ثمَّ دَلَائِل الْحَافِظ أبي نعيم فِي سفرين ثمَّ دَلَائِل النُّبُوَّة للنقاش صَاحب التَّفْسِير)
وَدَلَائِل النُّبُوَّة للطبراني وَدَلَائِل أبي ذَر الْمَالِكِي ثمَّ دَلَائِل الإِمَام الْبَيْهَقِيّ فِي سِتَّة أسفار كبار فأجاد مَا شَاءَ وأعلام النُّبُوَّة لأبي الْمطرف قَاضِي الْجَمَاعَة وأعلام النُّبُوَّة لِابْنِ قُتَيْبَة اللّغَوِيّ وَمن أَصْغَر مَا صنف فِي ذَلِك جُزْء لطيف لِابْنِ فَارس صَاحب الْمُجْمل فِي اللُّغَة وَكتاب الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي رَحمَه الله كتبته بخطى وقرأته على
الصفحة 28
284