كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 1)

آخرهَا فصيره أَولا لتجتمع فِي سنة وَاحِدَة وَكَانَ قد هَاجر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْخَمِيس لأيام من الْمحرم فَمَكثَ مُهَاجرا بَين سير ومقام حَتَّى دخل الْمَدِينَة شَهْرَيْن وَثَمَانِية أَيَّام وَقَالَ العسكري فِي كتاب الْأَوَائِل أول من آخر النيروز المتَوَكل قَالَ بَينا المتَوَكل يطوف فِي متصيد لَهُ إِذْ رأى زرعا أَخْضَر قَالَ قد استأذنني عبيد الله بن يحيى فِي فتح الْخراج وَأرى الزَّرْع أَخْضَر فَقيل لَهُ أَن هَذَا قد أضرّ بِالنَّاسِ فهم يقترضون ويستسلفون فَقَالَ هَذَا شَيْء حدث أم هُوَ لم يزل كَذَا فَقيل لَهُ حَادث ثمَّ عرف أَن الشَّمْس تقطع الْفلك فِي ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا وَربع يَوْم وَأَن الرّوم تكبس فِي كل أَربع سِنِين يَوْمًا فيطرحونه من الْعدَد فيجعلون شباط ثَلَاث سِنِين مُتَوَالِيَات ثَمَانِيَة وَعشْرين يَوْمًا وَفِي السّنة الرَّابِعَة وَهِي الَّتِي تسمى الكبيس نيجر من ذَلِك الرّبع يَوْم تَامّ فَيصير شباط تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا فَكَانَت الْفرس تكبس الْفضل الَّذِي بَين سنتها وَبَين سنة الشَّمْس فِي كل مئة وَسِتَّة عشر سنة شهرا وَهَذَا الكبس على طوله أصح من كبس الرّوم لِأَنَّهُ أقرب إِلَى مَا يحصله الْحساب من الْفضل فِي سنة الشَّمْس فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام عطل ذَلِك وَلم يعْمل بِهِ فاضر بِالنَّاسِ ذَلِك وَجَاء زمن هِشَام فَاجْتمع الدهاقنة إِلَى خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي فشرحوا لَهُ وسألوه أَن يُؤَخر النيروز شهرا فَكتب إِلَى هِشَام بن عبد الْملك وَهُوَ خَليفَة فَقَالَ هِشَام أَخَاف أَن يكون هَذَا من قَول الله تَعَالَى إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر التَّوْبَة فَلَمَّا كَانَ أَيَّام الرشيد اجْتَمعُوا إِلَى يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي وسألوه أَن يُؤَخر النيروز نَحْو شهر فعزم على ذَلِك فَتكلم اعداؤه فِيهِ فَقَالُوا هُوَ يتعصب للمجوسية فَاضْرب عَنهُ فَبَقيَ على ذَلِك إِلَى الْيَوْم فَاحْضُرْ المتَوَكل إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس وَأمره أَن يكْتب كتابا فِي تَأْخِير النيروز بعد أَن يحسبوا الْأَيَّام فَوَقع الْعَزْم على تَأْخِيره إِلَى سَبْعَة وَعشْرين يَوْمًا)
من حزيران فَكتب الْكتاب على ذَلِك وَهُوَ كتاب مَشْهُور فِي رسائل إِبْرَاهِيم وَإِنَّمَا احتذى المعتضد مَا فعله المتَوَكل إِلَّا أَنه قد قصره فِي أحد عشر يَوْمًا من حزيران فَقَالَ البحتري يمدح المتَوَكل الْخَفِيف
(لَك فِي الْمجد أول وأخير ... ومساع صغيرهن كَبِير)

(إِن يَوْم النيروز عَاد إِلَى الْعَهْد الَّذِي كَانَ سنه ازدشير)

(أَنْت حولته إِلَى الْحَالة الأولى وَقد كَانَ حائرا يستدير)
قَالَ أَحْمد بن يحيى البلاذري حضرت مجْلِس المتَوَكل وَإِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس يقْرَأ الْكتاب الَّذِي انشأه فِي تَأْخِير النيروز والمتوكل يعجب من حسن عِبَارَته ولطف مَعَانِيه وَالْجَمَاعَة تشهد لَهُ بذلك فدخلتني نفاسة فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي هَذَا الْكتاب خطأ فَأَعَادُوا النّظر فِيهِ وَقَالُوا مَا نرَاهُ وَمَا هُوَ فَقلت أرخ السّنة الفارسية بالليالي والعجم تورخ بِالْأَيَّامِ وَالْيَوْم عِنْدهم أَربع وَعِشْرُونَ

الصفحة 33