كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 1)

مَحْمُود بن سلمَان بن فَهد الْحلَبِي الْكَاتِب رَحمَه الله قِرَاءَة مني عَلَيْهِ من جملَة قصيدة طَوِيلَة من جملَة مجلدة فِيهَا مدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَامِل
(أسرى إِلَى الْأَقْصَى بجسمك يقظة ... لَا فِي الْمَنَام فَيقبل التأويلا)

(إِذْ أنكرته قُرَيْش قبل وَلم تكن ... لترى المهول من الْمَنَام مهولا)
وَلما بلغ ثَلَاثًا وَخمسين سنة هَاجر إِلَى الْمَدِينَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَمولى أبي بكر عَامر بن فهَيْرَة ودليلهم عبد الله بن الْأُرَيْقِط اللَّيْثِيّ قَالَ الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ وَغَيره وَهُوَ كَافِر وَلم نَعْرِف لَهُ إسلاماً فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عشر سِنِين وَكَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيت الْمُقَدّس مُدَّة إِقَامَته بِمَكَّة وَلَا يستدبر الْكَعْبَة يَجْعَلهَا بَين يَدَيْهِ وَصلى إِلَى بَيت الْمُقَدّس بعد قدومه الْمَدِينَة سَبْعَة عشر شهرا أَو سِتَّة عشر شهرا وَلما أكمل فِي الْمَدِينَة عشر سِنِين سَوَاء توفى وَقد بلغ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَقيل غير ذَلِك وَفِيمَا تقدم من التواريخ خلاف وَكَانَت وَفَاته يَوْم الِاثْنَيْنِ حِين اشْتَدَّ الضحاء لثنتي عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول وَمرض أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَدفن لَيْلَة)
الْأَرْبَعَاء وَلما حَضَره الْمَوْت كَانَ عِنْده قدح فِيهِ مَاء فَجعل يدْخل يَده فِيهِ وَيمْسَح وَجهه وَيَقُول اللَّهُمَّ اعني على سَكَرَات الْمَوْت وسجي بِبرد حبرَة وَقيل أَن الْمَلَائِكَة سجته وَكذب بعض أَصْحَابه بِمَوْتِهِ دهشة تحكي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ وأخرس عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وأقعد عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَلم يكن فيهم أثبت من الْعَبَّاس وَأبي بكر ثمَّ أَن النَّاس سمعُوا من بَاب الْحُجْرَة لَا تغسلوه فَإِنَّهُ طَاهِر مطهر ثمَّ سمعُوا بعد ذَلِك اغسلوه فَإِن ذَلِك إِبْلِيس وَأَنا الْخضر وعزاهم فَقَالَ إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة وخلفاً من كل هَالك ودركا من كل فَائت فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب وَاخْتلفُوا فِي غسله هَل يكون فِي ثِيَابه أَو يجرد عَنْهَا فَوضع الله عَلَيْهِم النّوم فَقَالَ قَائِل لَا يدْرِي من هُوَ اغسلوه فِي ثِيَابه فانتبهوا وفعلوا ذَلِك وَالَّذين ولوا غسله عَليّ وَالْعَبَّاس وولداه الْفضل وَقثم وَأُسَامَة وشقران موليَاهُ وحضرهم أَوْس بن خولي من الْأَنْصَار ونفضه عَليّ فَلم يخرج مِنْهُ شَيْء فَقَالَ صلى الله عَلَيْك لقد طبت حَيا وَمَيتًا وكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة بل لفائف من غير خياطَة وَصلى الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ أفذاذاً لم يؤمهم أحد وفرش تَحْتَهُ فِي الْقَبْر قطيفة حَمْرَاء كَانَ يتغطى بهَا نزل شقران وحفر لَهُ وَالْحَد وأطبق عَلَيْهِ تسع لبنات

الصفحة 66