كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 3)

ورأي الْقَيْد يَوْمًا فِي رجل وَلَده أبي هَاشم وَقد عض بساقيه فَبكى وَقَالَ
(قيدي أما تعلمني مُسلما ... أَبيت أَن تشفث أَو ترحما)

(دمي شراب لَك وَاللَّحم قد ... أَكلته لَا تهشم الأعظما)
)
(إرحم طفيلاً طايشاً لبه ... لم يخْش أَن يَأْتِيك مسترحما)

(وَارْحَمْ أخيات لَهُ مثله ... جرعتهن السم والعلقما)
وَلابْن اللبانة مُصَنف جمعه سَمَّاهُ نظم السلوك فِي وعظ الْمُلُوك قصره على أشعاره وأشعار أَوْلَاده والمراثي الَّتِي نظمها فيهم وَمِنْهَا قصيدة أَولهَا
(لكل شَيْء من الْأَشْيَاء مِيقَات ... وللمنى من مناياهن غايات)
مِنْهَا
(أنفض يَديك من الدُّنْيَا وزخرفها ... فالأرض قد أقفرت وَالنَّاس قد مَاتُوا)

(وَقل لعالمها الْعلوِي قد كتمت ... سريرة الْعلم الأرضي أغمات)
وَقَالَ أَيْضا وَهُوَ فِي السجْن ينديه
(تَنْشَق رياحين السَّلَام فَإِنَّمَا ... أفض بهَا مسكاً عَلَيْك مختما)

(أفكر فِي عصر مضى الك مشرقاً ... فَيرجع ضوء الصُّبْح عِنْدِي مظلما)

(وأعجب من أفق المجرة إِذْ رأى ... كسوفك شمساً كَيفَ أطلع أنجما)

(قناة سعت لِلطَّعْنِ حَتَّى تقصدت ... وَسيف أَطَالَ الضَّرْب حَتَّى تثلما)

(حبيب إِلَى قلبِي حبيب وَقَوله ... عَسى وَطن يدنو بهم ولعلما)
مِنْهَا
(حكيت وَقد فَارَقت ملكك مَالِكًا ... وَمن ولهي أحكي عَلَيْك متمما)

(تضيق عَليّ الأَرْض حَتَّى كَأَنَّمَا ... خلقت وَإِيَّاهَا سواراً ومعصما)

(ندبتك حَتَّى لم يخل لي الأسى ... دموعاً بهَا أبْكِي عَلَيْك وَلَا دَمًا)

(بكاك الحيا وَالرِّيح شقَّتْ جيوبها ... عَلَيْك وناح الرَّعْد بِاسْمِك معلما)

(ومزق ثوب الْبَرْق واكتسب الدجى ... حداداً وَقَامَت انجم الجو مأتما)

(قضى الله أَن خطوك عَن ظهر أشقر ... أَشمّ وَأَن أمطوك أشأم أدهما)
وَكَانَ قد انفكت عَنهُ الْقُيُود فَأَشَارَ إِلَى ذَلِك يَقُول فِيهَا
(قيودك ذَابَتْ فَانْطَلَقت لقد غَدَتْ ... قيودك مِنْهُم بالمكارم أرحما)

(عجبت لِأَن لَان الْحَدِيد وَقد قسوا ... لقد كَانَ مِنْهُم بالسريرة أعلما)

(ينجيك من نجى من الْجب يوسفاً ... ويؤومك من آوى الْمَسِيح بن مريما)

الصفحة 154