كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 4)

وَقد نظم النَّاس فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَمن أحسن مَا وقفت عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَول شمس الدّين الطَّيِّبِيّ وَهِي تقَارب الْمِائَة بَيت وَلَكِن هَذَا الَّذِي وجدت مِنْهَا وَهُوَ
(برق الصوارم للأبصار يختطف ... وَالنَّقْع يَحْكِي سحاباً بالدما يكف)

(أحلى وأغلى قيمَة وسناً ... من ريق ثغر الغواني حِين يرتشف)

(وَفِي قدود القنا معنى شغفت بِهِ ... لَا بالقدود الَّتِي قد زانها الهيف)

(وَمن غَدا بالخدود الْحمر ذَا كلفٍ ... فإنني بحدود الْبيض لي كلف)

(وَلأمة الْحَرْب فِي عَيْني أحسن من ... لَام العذار الَّذِي فِي الخد يَنْعَطِف)

(كِلَاهُمَا زردٌ هَذَا يُفِيد وَذَا ... يردي فشانهما فِي الْفِعْل يخْتَلف)

(وَالْخَيْل فِي طلب الأوتار صاهلةٌ ... ألذ لحناً من الأوتار تأتلف)

(مَا مجْلِس الشّرْب والأرطال دائرةٌ ... كموقف الْحَرْب والأبطال تزدلف)

(والرزق من تَحت ظلا لرمح مقترنٌ ... بالعز والذل يأباه الْفَتى الصلف)

(لَا عَيْش إِلَّا لفتيان إِذا انتدبوا ... ثَارُوا وَإِن نهضوا فِي غمَّة كشفوا)

(بَقِي بهم مِلَّة الْإِسْلَام ناصرها ... كَمَا يقي الدرة المكنونة الصدف)

(قَامُوا لقُوَّة دين الله مَا وهنوا ... لما أَصَابَهُم فِيهِ وَلَا ضعفوا)

(وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله فانتصروا ... من بعد ظلمٍ وَمِمَّا ساءهم أنفوا)

(لما أَتَتْهُم جموع الْكفْر يقدمهم ... رَأس الضلال الَّذِي فِي عقله حنف)

(جَاءُوا وكل مقَام ظلّ مضطرباً ... مِنْهُم وكل مقَام بَات يرتجف)

(فشاهدوا علم الْإِسْلَام مرتفعاً ... بِالْعَدْلِ فاستيقنوا ان لَيْسَ ينْصَرف)

(لاقاهم الفيلق الجرار فانكسروا ... خوف العوامل بالتأنيث فانصرفوا)

(يَا مرج صفر بيضت الْوُجُوه كَمَا ... فعلت من قبل الْإِسْلَام يؤتنف)

(أَزْهَر روضك أزهى عِنْد نفحته ... أم يانعات رؤسٍ فِيك تقتطف)

(غُدْرَان أَرْضك قد أضحت لواردها ... ممزوجةً بدماء الْمغل تغترف)

(زلت على كتف الْمصْرِيّ أَرجُلهم ... فَلَيْسَ يَدْرُونَ أَنى تُؤْكَل الْكَتف)
)
(آووا إِلَى جبل لَو كَانَ يعصهم ... من موج فرج المنايا حِين يختطف)

(دارت عَلَيْهِم من الشجعان دائرةٌ ... فَمَا نجا سالمٌ مِنْهُم وَقد زحفوا)

(ونكسوا مِنْهُم الْأَعْلَام فَانْهَزَمُوا ... ونكصوهم على الأعقاب فانقصفوا)

(فَفِي جماجمهم بيض الظبى زبرٌ ... وَفِي كلاكلهم سمر القنا قصف)

(فروا من السَّيْف ملعونين حَيْثُ سروا ... وَقتلُوا فِي البراري حَيْثُمَا ثقفوا)

الصفحة 257