كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 5)

لِأَن هَذَا لَهُ رشاش فَقَالَ)
وَرُبمَا تزلق الحماره وَأَخْبرنِي الْمولى شرف الدّين حُسَيْن بن رَيَّان قَالَ كنت أَنا وَهُوَ جالسين فِي مَكَان فِيهِ شباك بيني وَبَينه فَلَمَّا جَاءَت الشَّمْس رَددته فَقَالَ
(لَا تحجب الشَّمْس عَن أَمر تحاوله ... فَإِن مقصودها أَن تبلغ الشرفا)
فَقلت
(فِي الشَّمْس حر لهَذَا الْأَمر نحجبها ... وحسبنا الْبَدْر فِي أنواره وَكفى)
وأنشدني من لَفظه أَيْضا قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(أهواه كالبدر لَكِن فِي تبذله ... والغصن فِي ميله عَن لوم لائمه)

(سمح بمهجته مَا رد نائله ... كَأَنَّمَا حَاتِم فِي فص خَاتمه)
وَمن شعره ابْن مكي
(كَأَن الشَّمْس إِذْ غربت غريق ... هوى فِي الْبَحْر أَو وافى مغاصا)

(فأتبعها الْهلَال على غرُوب ... بزورقه يُرِيد لَهَا خلاصا)

3 - (السُّلْطَان غياث الدّين السلجوقي)
مُحَمَّد بن ماكشاه بن ألب رسْلَان أبي شُجَاع مُحَمَّد بن دَاوُد بن مِيكَائِيل ابْن سلجوق بن دقاق السُّلْطَان غياث الدّين أَبُو شُجَاع لما توفّي أَبوهُ اقتسم الْأَوْلَاد الثَّلَاثَة المملكة هم غياث الدّين هَذَا وبركياروق وسنجر وَذَلِكَ سنة خمس وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة فَلم يكن للأخوين مَعَ بركياروق أَمر ووردا بغداذ وسألا المستظهر أَن يجلس لَهما فَجَلَسَ وَحضر الْأَعْيَان ووقف سيف الدولة صَدَقَة من مزِيد صَاحب الْحلَّة عَن يَمِين السدة وعَلى كتف أَمِير الْمُؤمنِينَ الْبردَة النَّبَوِيَّة وعَلى رَأسه الْعِمَامَة وَبَين يَدَيْهِ الْقَضِيب فأفيض على مُحَمَّد سبع خلع وألبس التَّاج والطوق وَعقد الْخَلِيفَة اللِّوَاء بِيَدِهِ وقلده سيفين وَأَعْطَاهُ خَمْسَة أَفْرَاس على خلع على سنجر دونه وخطب للسُّلْطَان مُحَمَّد فِي جَوَامِع بغداذ وَتركت الْخطْبَة لبركياروق سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ مُحَمَّد هَذَا رجل الْمُلُوك السلجوقية وفحلهم وَله سيرة حَسَنَة وبر وافر حَارب الْمَلَاحِدَة واستقل بِالْملكِ بعد أَخِيه بركياروق وصفت لَهُ الدُّنْيَا وَتزَوج المقتفي ابْنَته فَاطِمَة سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَتوفيت فِي عصمته سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَكَانَ عمره سبعا وَثَلَاثِينَ سنة وأشهراً وَتُوفِّي سنة إِحْدَى عشرَة وَخمْس مائَة بِمَدِينَة أَصْبَهَان وَدفن بهَا فِي مدرسة عَظِيمَة للحنفية)
وَلما أيس من نَفسه أحضر وَلَده مَحْمُودًا وَقَبله وَبكى وَأمره أَن يجلس على تخت السلطنة وَينظر فِي

الصفحة 42