كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 5)
زهرَة الْعُلُوم فِي مَعَاني الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من الْأُسْتَاذ أبي سهل الصعلوكي وَأبي نعيم المهرجاني الْأَزْهَرِي وروى عَنهُ القَاضِي نَاصِر الْمروزِي وأقرانه من الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَله رِوَايَات كَثِيرَة ومسموعات
3 - (الْوَزير عميد الْملك الكندري)
مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد وَمِنْهُم من قَالَ مَنْصُور بن مُحَمَّد وَالْأول أصح الْوَزير عميد الْملك أَبُو نصر الكندري وَزِير طغرلبك كَانَ من رجال الدَّهْر جوداً وسخاء وَكِتَابَة وشهامة استوزره طغرلبك ونال عِنْده الرُّتْبَة الْعليا وَهُوَ أول وَزِير كَانَ لبني سلجوق وَلَو لم يكن لَهُ منقبة إِلَّا صُحْبَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَ ابْن الْأَثِير كَانَ الْوَزير شَدِيد التعصب على الشَّافِعِيَّة كثير الوقيعة فِي الشَّافِعِي وَبلغ من تعصبه أَنه خَاطب السُّلْطَان ألب أرسلان فِي لعن الرافضة على المنابر بخراسان فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فأضاف إِلَيْهِم الأشعرية فَأَنف من ذَلِك أَئِمَّة خُرَاسَان مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيرهمَا وفارقوا خُرَاسَان وَكَانَ قد تَابَ فِيمَا ذَلِك من الوقيعة فيهم فَلَمَّا جَاءَت الدولة النظامية أحضر من انتزح مِنْهُم وَأحسن إِلَيْهِم وَكَانَ الْوَزير عميد الْملك ممدحاً قَصده الشُّعَرَاء ومدحوه مِنْهُم الْكَاتِب الرئيس الْمَعْرُوف بصردر امتدحه بالقصيدة الَّتِي أَولهَا
(أكذا يجازي ود كل قرين ... أم هَذِه شيم الظباء الْعين)
(قصوا عَليّ حَدِيث من قتل الْهوى ... إِن التأسي روح كل حَزِين)
مِنْهَا فِي المديح
(بأغر مَا أَبْصرت نور جَبينه ... إِلَّا اقتضاني بِالسُّجُود جبيني)
(تجلو النواظر فِي نواحي دسته ... والسرج بدر دجى وَلَيْث عرين)
(عَمت فواضله الْبَريَّة فَالتقى ... شكر الْغَنِيّ ودعوة الْمِسْكِين)
(قَالُوا وَقد شنوا عَلَيْهِ غَارة ... أصلات جود أم قَضَاء دُيُون)
)
(لَو كَانَ فِي الزَّمن الْقَدِيم تظلمت ... مِنْهُ الْكُنُوز إِلَى يَدي قَارون)
(وَشهِدت علاهُ أَن عنصر ذَاته ... مسك وعنصر غَيره من طين)
وَهِي من القصائد المليحة وَلم يزل الْوَزير عميد الْملك فِي دولة طغرلبك عَظِيم الجاه وافر الْحُرْمَة إِلَى أَن توفّي طغرلبك وَقَامَ بالمملكة من بعده ابْن أَخِيه ألب رسْلَان فأقره وزاده إِكْرَاما ثمَّ إِنَّه سيره إِلَى خوارزم شاه ليخطب لَهُ ابْنَته فَأَرْجَفَ أعداؤه أَن الْوَزير خطبهَا لنَفسِهِ وشاع ذَلِك فَعمد إِلَى لحيته فحلقها وَإِلَى مذاكيره فجبها وَكَانَ ذَلِك سَببا لسلامته فنظم الباخرزي أَبُو الْحسن عَليّ فِي ذَلِك
الصفحة 49
252