كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 10)

أمره وخافه فَيُقَال إِنَّه تمم عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان وَقَالَ لَهُ إِنَّه قصد الْحُضُور إِلَى عِنْدِي والخامرة عَلَيْك فتنكر السُّلْطَان وَكَانَ ذَلِك وهم فِي عزم حُضُور الْأَمِير سيف الدّين بشتاك وَسيف الدّين يلبغا اليحيوي وَعشْرين أَمِيرا من الخاصكية ببنتي السُّلْطَان من مصر إِلَى دمشق ليزوجوهما بولدي الْأَمِير سيف الدّين تنكز فَبعث يَقُول يَا خوند إيش الْفَائِدَة فِي حُضُور هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء الْكِبَار إِلَى دمشق والبلاد الساحلية فِي هَذِه السّنة ممحلة وَيحْتَاج الْعَسْكَر إِلَى كلفة عَظِيمَة أَنا أحضر بولدي إِلَى الْبَاب وَيكون الدُّخُول هُنَاكَ فَجهز إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين طاجار الدوادار وَقَالَ لَهُ السُّلْطَان يسلم عَلَيْك وَيَقُول لَك إِنَّه مَا بَقِي يطلبك إِلَى مصر وَلَا يُجهز إِلَيْك أَمِيرا كَبِيرا حَتَّى لَا تتوهم فَقَالَ أَنا أتوجه مَعَك بأولادي إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لَو وصلت إِلَى بلبيس ردك وَأَنا أكفيك هَذَا المهم وَبعد ثَمَانِيَة أَيَّام أكون عنْدك بتقليد جَدِيد وإنعام جَدِيد فلبثه بِهَذَا الْكَلَام وَلَو كَانَ توجه إِلَى السُّلْطَان كَانَ كَانَ خيرا لَهُ وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَكَانَ أهل دمشق فِي تِلْكَ الْمدَّة قد أرجفوا بِأَنَّهُ قد عزم على التَّوَجُّه إِلَى بِلَاد التتار فَوَقع ذَلِك الْكَلَام فِي سمع طاجار الدوادار وَكَانَ قد عَامله تنكز فِي هَذِه الْمدَّة مُعَاملَة لَا تلِيق بِهِ فَتوجه من عِنْده مغضباً وَكَأَنَّهُ حرف الْكَلَام وَالله أعلم فَتغير السُّلْطَان تغيراً عَظِيما وجرد خَمْسَة آلَاف فَارس أَو عشرَة مقدمهم بشتاك وَحلف عَسْكَر مصر أجمع وَخَافَ وجهز على الْبَرِيد إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر نَائِب صفد يَأْمُرهُ بالتوجه إِلَى دمشق لقبض تنكز وَكتب إِلَى الْحَاجِب وَإِلَى الْأَمِير سيف الدّين قطلوبغا الفخري وَإِلَى الْأُمَرَاء بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَقَالَ إِن قدرتم على تعويقه عَن التَّوَجُّه فَهُوَ المُرَاد والعساكر تصل إِلَيْكُم من مصر فوصل الْأَمِير سيف الدّين طشتمر الظّهْر إِلَى المزة وجهز إِلَى الْأَمِير سيف الدّين الفخري وَكَانَ دواداره قد وصل بكرَة النَّهَار وَاجْتمعَ بالأمراء فاتفقوا وَتوجه الْأَمِير سيف الدّين اللمش الْحَاجِب إِلَى القابون ووعر الطَّرِيق وَرمى الأخشاب فِيهَا وَالْجمال وأحمال التِّبْن وَقَالَ للنَّاس إِن غَرِيم السُّلْطَان يعبر السَّاعَة عَلَيْكُم فَلَا تمكنوه وَركب الْأُمَرَاء واجتمعوا على بَاب النَّصْر هَذَا كُله وَهُوَ فِي غَفلَة عَمَّا يُرَاد بِهِ ينْتَظر وُرُود طاجار الدوادار وَكَانَ قد خرج ذَلِك النَّهَار إِلَى الْقصر الَّذِي بناه فِي القطائع عِنْد حريمه فَتوجه إِلَيْهِ الْأَمِير سيف الدّين قرمشي وعرفه بوصول الْأَمِير طشتمر فبهت لذَلِك وَسقط فِي يَده فَقَالَ لَهُ مَا)
الْعَمَل قَالَ ندخل إِلَى دَار السَّعَادَة فَحَضَرَ وَدخل إِلَى دَار السَّعَادَة وغلقت أَبْوَاب الْمَدِينَة
وَأَرَادَ اللّبْس والمحاربة ثمَّ إِنَّه علم أَن النَّاس ينهبون ويلعب السَّيْف فِي دمشق فآثر إخماد الْفِتْنَة وَأَن لَا يجرد سِلَاحا وأشاروا عَلَيْهِ بِالْخرُوجِ فَجهز إِلَى الْأَمِير سيف الدّين طشتمر
وَقَالَ لَهُ فِي أَي شَيْء جِئْت ادخل إِلَيّ فَقَالَ أَنا جئْتُك رَسُولا من عِنْد أستاذك فَإِن خرجت إِلَيّ قلت لَك مَا قَالَ لي وَإِن رحت إِلَى مطلع الشَّمْس تبعتك وَلَا أرجع إِلَّا إِن مَاتَ أَحَدنَا وَالْمَدينَة مَا أَدخل إِلَيْهَا فَخرج إِلَيْهِم وعاين الْهَلَاك فاستسلم وَأخذ سَيْفه وَقيد خلف مَسْجِد الْقدَم وجهز إِلَى السُّلْطَان وجهز مَعَه الْأَمِير ركن الدّين بيبرس السِّلَاح دَار الْعَصْر ثَالِث عشْرين ذِي الْحجَّة سنة أَرْبَعِينَ وَسبع مائَة وتأسف أهل دمشق عَلَيْهِ وَيَا طول أسفهم فسبحان مزيل النعم الَّذِي لَا يَزُول ملكه وَلَا يتَغَيَّر عزه وَلَا تطرأ عَلَيْهِ الْحَوَادِث وَلَقَد رَأَيْته بعيني فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة

الصفحة 263