كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 14)

من مياه الصمان حظروا على النَّاس مَا يُرِيدُونَ مِنْهُ
وَكَانَت لرميلة قطيفة حَمْرَاء فَكَانُوا يَأْخُذُونَ الهدبة من تِلْكَ القطيفة فيلقونها على المَاء
أَي قد سبقنَا إِلَى هَذَا فَلَا يردهُ أحد لعزهم فَيَأْخُذُونَ من المَاء مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ويتركون مَا يستغنون عَنهُ
فَوَرَدُوا فِي بعض السنين مَاء من مياه الصمان وَورد مَعَهم نَاس من بني قطن بن نهشل فأورد بَعضهم بعيره وَقد حظروا عَلَيْهِ)
فَبَلغهُمْ ذَلِك فغضبوا واجتمعوا واقتتلوا فَضرب ربَاب رَأس بشر بن صبيح الْمَعْرُوف بِأبي بدال وَأمه بنت أبي الْحمام ابْن قراد بن مَخْزُوم وَقَالَ ربَاب فِي ذَلِك من الرجز
(ضَربته عَشِيَّة الْهلَال ... أول يَوْم عد من شَوَّال)

(ضربا على الرَّأْس أَبَا بدال ... ثمت مَا أَبَت وَلَا أُبَالِي)
أَلا تؤوب آخر اللَّيَالِي وَجمع كل وَاحِد لصَاحبه قومه وأحلافهم وطالت الْحَرْب بَينهم وَجَرت أُمُور فَقَالَ أخوة الْأَشْهب بن رميلة وَيْلكُمْ يَا قوم أَفِي ضَرْبَة من عَصا لم تصنع شَيْئا تسفكون دماءكم وَالله مَا بصاحبكم من بَأْس فأعطو قومكم حَقهم فَقَالَ جحناء ورباب وَالله لننصرفن فلنلحقن بغيركم وَلَا نعطي مَا بِأَيْدِينَا
فَقَالَ الْأَشْهب وَيْلكُمْ أتتركون دَار قومكم فِي ضَرْبَة عَصا لم تصنع شَيْئا وَلم يزل بهم حَتَّى جَاءُوا بأَخيه ربَاب فدفعوه إِلَى بني قطن وَأخذُوا مِنْهُم أَبَا بدال الْمَضْرُوب فَمَاتَ تِلْكَ اللَّيْلَة فِي أَيْديهم فجَاء بَنو قطن إِلَى ربَاب فَقَالُوا أوص بِمَا بدا لَك فَإِن أَبَا بدال مَاتَ
قَالَ دَعونِي أصل قَالُوا صل فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ أما وَالله إِنِّي إِلَى رَبِّي لذُو حَاجَة وَمَا مَنَعَنِي أَن أَزِيد فِي صَلَاتي إِلَّا أَن تروا أَن ذَلِك فرق من الْمَوْت فليضربني مِنْكُم رجل شَدِيد الساعد حَدِيد السَّيْف فدفعوه إِلَى ابْن خُزَيْمَة فَضرب عُنُقه ودفنوه وَذَلِكَ فِي الْفِتْنَة بعد مقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ
فَقَالَ الْأَشْهب يرثي أَخَاهُ وَيَلُوم نَفسه أَن دفع أَخَاهُ رباباً إِلَيْهِم من الطَّوِيل
(أعيني قلت عِبْرَة من أَخِيكُمَا ... بِأَن تسهرا ليل التَّمام وتجزعا)

(وباكية تبْكي رباباً وَقَائِل ... جزى الله خيرا مَا أعف وأمنعا)

(وأضرب فِي الهيجا إِذا حمي الوغى ... وَأطْعم إِذْ أَمْسَى المراضيع جوعا)

(إِذا مَا اعترضنا من أخينا أَخَاهُم ... ظمئنا وَلم نشف الغليل فينقعا)

(قرونا دَمًا والضيف منتظر الْقرى ... ودعوة دَاع قد دَعَانَا فأسمعا)

(مددنا وَكَانَت هفوة من حلومنا ... بثدي إِلَى أَوْلَاد ضَمرَة أقطعا)

(وَقد لامني قومِي وَنَفْسِي تلومني ... بِمَا فال رَأْيِي فِي ربَاب وضيعا)

(فَلَو كَانَ قلبِي من حَدِيد أذابه ... وَلَو كَانَ من صم الصَّفَا لتصدعا)

الصفحة 52