كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 19)

شَاءَ ثمَّ أَخذ وَاحِدًا وَأبقى لي سِتَّة ووهب لي يدين وَرجلَيْنِ فمتعني بِهن مَا شَاءَ ثمَّ أَخذ مِنْهُنَّ وَاحِدَة وَأبقى لي ثَلَاثًا فَللَّه الْحَمد
وَذكر ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عِنْد ذكر المجهولين أَن رجلا من بني عبس وَفد على الْوَلِيد بن عبد الْملك للخؤولة فَسَأَلَهُ عَن حَاله وَعَن سَبَب ذهَاب عَيْنَيْهِ فَقَالَ مَا كَانَ فِي الأَرْض عبسي أَكثر مني مَالا وَولدا وَأهلا فَأتى السَّيْل لَيْلًا فَلم يبْق لي مَالا وَلَا أَهلا وَلَا ولدا إِلَّا ذهب بِهِ إِلَّا بنياً لي صَغِيرا وبعيراً فَحملت الصَّبِي وند الْبَعِير فَوضعت الصَّبِي وتبعت الْبَعِير فنفحني بِرجلِهِ ففقأ عَيْني وَرجعت إِلَى وَلَدي فَإِذا الذِّئْب يلغ فِي بَطْنه فَقَالَ الْوَلِيد إذهبوا بِهَذَا إِلَى عُرْوَة بن الزبير ليعلم أَن فِي الدُّنْيَا من هُوَ أعظم مُصِيبَة مِنْهُ
3 - (أَبُو عَامر اللَّيْثِيّ)
)
عُرْوَة بن أذينة أذينة لقب واسْمه يحيى بن مَالك أَبُو عَامر اللَّيْثِيّ الشَّاعِر الْحِجَازِي الْمَشْهُور سمع ابْن عمر وروى عَنهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَكَانَ من فحول الشُّعَرَاء قَالَ أَبُو دَاوُد لَا أعلم لَهُ إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا وَتُوفِّي فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَمِائَة وَمن شعره
(لقد علمت وَمَا الْإِسْرَاف من خلقي ... أَن الَّذِي هُوَ رِزْقِي سَوف يأتيني)

(أسعى لَهُ فيعنيني تطلبه ... وَلَو قعدت أَتَانِي لَا يعنيني)

(فَإِن حَظّ امْرِئ غَيْرِي سيبلغه ... لَا بُد لَا بُد أَن يجتازه دوني)

(لَا خير فِي طمع يدني لمنقصة ... وعفة من عفاف الْعَيْش تكفيني)

(لَا أركب الْأَمر تزري بِي عواقبه ... وَلَا يعاب بِهِ عرضي وَلَا ديني)

(كم من فَقير غَنِي النَّفس نعرفه ... وَمن غَنِي فَقير النَّفس مِسْكين)

(وَمن هدو رماني لَو قصدت لَهُ ... إِن انطواءك عني سَوف يطويني)

(إِنِّي لأنظر فِيمَا كَانَ من أربي ... وَأكْثر الصمت فِيمَا لَيْسَ يعنيني)

(لَا أَبْتَغِي ونصل من يَبْغِي مقاطعتي ... وَلَا أَلين لمن لَا يَبْتَغِي ليني)
أَتَى هُوَ وَجَمَاعَة من الشُّعَرَاء إِلَى هِشَام بن عبد الْملك فتبينهم فَلَمَّا عرف عُرْوَة قَالَ لَهُ أَلَسْت الْقَائِل لقد علمت وَمَا الْإِسْرَاف من خلقي البيتي فَقَالَ عُرْوَة نعم أَنا قَائِلهَا قَالَ فألا قعدت فِي بَيْتك حَتَّى يَأْتِيك رزقك وغفل عَنهُ هِشَام فَخرج عُرْوَة من وقته وَركب رَاحِلَته

الصفحة 363