كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 19)
(كم أرتنا مصَارِع الْأَهْل والأ ... حباب لَو نستفيق بَين يَديهَا)
(وَلكم مهجة بزهرتها اغت ... رت فأدمت ندامة كفيها)
(أتراها أبقت على سبأ من ... قبلنَا حِين بدلت جنتيها)
(يَوْم بؤس لَهَا وَيَوْم رخاء ... فتزود مَا شِئْت من يوميها)
(وتيقن زَوَال ذَاك وَهَذَا ... تسل عَمَّا ترَاهُ من حادثيها)
(دَار زَاد لمن تزَود مِنْهَا ... وغرور لمن يمِيل إِلَيْهَا)
(مهبط الْوَحْي والمصلى الَّتِي كم ... عفرت صُورَة بهَا خديها)
(متجر الْأَوْلِيَاء قد ربحوا ... الْجنَّة فِيهَا وأوردوا عينيها)
(رغبت ثمَّ رهبت ليرى ... كل لَبِيب عقباه من حالتيها)
(فَإِذا أنصفت تعين أَن يث ... ني عَلَيْهَا الْبر من ولديها)
وَهَذِه الأبيات منظومة من كَلَام الإِمَام عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي خطْبَة قَالَهَا وَهِي أَيهَا الذام للدنيا المغتر بغرورها بِمَ تذمها أَنْت المجرم عَلَيْهَا أم هِيَ المجرمة عَلَيْك مَتى استهوتك أم مَتى غرتك أبمصارع آبَائِك من البلى أم بمضاجع أمهاتك تَحت الثرى كم عللت)
بكفيك وَكم مَرضت بيديك تبغي لَهُم الشِّفَاء وتستوصف لَهُم الْأَطِبَّاء لم ينفع أحدهم إشفاقك وَلم تسعف فِيهِ بطلبتك وَلم تدفع عَنهُ بقوتك قد مثلت لَك بِهِ الدُّنْيَا نَفسك وبمصرعه مصرعك إِن الدُّنْيَا دَار صدق لمن صدقهَا وَدَار عَافِيَة لمن فهم عَنْهَا وَدَار غنى لمن تزَود مِنْهَا وَدَار موعظة لمن اتعظ بهَا مَسْجِد أحباء الله ومصلى مَلَائِكَة الله ومهبط وَحي الله ومتجر أَوْلِيَاء الله اكتسبوا فِيهَا الرَّحْمَة وربحوا فِيهَا الْجنَّة فَمن ذَا يذمها وَقد آذَنت ببينها وَنَادَتْ بفراقها ونعت نَفسهَا وَأَهْلهَا فمثلت لَهُم ببلائها الْبلَاء وشوقتهم بسرورها إِلَى السرُور راحت بعافية وابتكرت بفجيعة ترغيباً وترهيباً وتخويفاً وتحذيراً فذمها رجال غَدَاة الندامة وحمدها آخَرُونَ ذكرتهم الدُّنْيَا فَذكرُوا وحدثتهم فصدقوا ووعظتهم فاتعظوا
وَمن شعره
(إنتخب للقريض لفظا رَقِيقا ... كنسيم الرياض فِي الْأَشْجَار)
(فَإِذا اللَّفْظ رق شف عَن المع ... نى فأبداه مثل ضوء النَّهَار)
الصفحة 7
386