كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 20)

وَكَانَ شَدِيد الشناع بذئ اللِّسَان فِي حق مخالفه حَتَّى قَالَ ابْن العريف خلق الله سيف الْحجَّاج ولسان ابْن حزم شقيقين قَالَ أَبُو مَرْوَان بن حَيَّان فِي بعض وصف ابْن حزم وَله فِي تِلْكَ الْفُنُون كتب كَثِيرَة غير انه لم يخل فِيهَا من غلط وَسقط لجراءته على التسور على الْفُنُون وَلَا سِيمَا الْمنطق فَإِنَّهُم زَعَمُوا انه زَالَ هُنَالك وضل فِي سلوك تِلْكَ المسالك وَخَالف أرسطاطاليس وَاضِعَة مُخَالفَة من لم يفهم غَرَضه وَلَا ارتاض ثمَّ قَالَ وَلم يَك يلطف صدعه بِمَا عِنْده بتعريض وَلَا يرقه بتدريج بل يصك بِهِ معارضه صك الجندل وينشقه متلفعة إنشاق الْخَرْدَل فنفرت عَنهُ الْقُلُوب وَوَقعت بِهِ الندوب حَتَّى استهدف إِلَى فُقَهَاء وقته فتمالئوا على بغضه ورد أَقْوَاله فَأَجْمعُوا على تضليله وشنعوا عَلَيْهِ وحذروا سلاطينهم من فتنته ونهوا عوامهم عَن الدنو إِلَيْهِ وَالْأَخْذ عَنهُ فأقصته الْمُلُوك عَن قربهم وبلادهم إِلَى أَن انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثَره بتربة بَلَده من بادية لبلة وَبهَا توفّي وَهُوَ فِي ذَلِك غير مرتدع وَلَا رَاجع إِلَى مَا أَرَادوا بِهِ يبث علمه فِيمَن ينتابه من بادية بَلَده من عَامَّة المقتبسين مِنْهُم من أصاغر الطّلبَة الَّذين لَا يَخْشونَ الْمَلَامَة يُحَدِّثهُمْ ويفقههم ويدارسهم وَلَا يدع المثابرة على الْعلم والمواظبة على التَّأْلِيف والإكثار من التصنيف حَتَّى كمل من مصنفاته فِي فنون من الْعلم وفر بعيد وَكَانَ قد أحرق بعض مصنفاته بإشبيلية ومزقت كَانَ مِمَّا يزِيد فِي شنآنه تشيعه لأمراء بني أُميَّة ماضيهم وباقيهم بالمشرق والأندلس واعتقاده لصِحَّة إمامتهم وانحرافه عَن سواهُم من قُرَيْش حَتَّى نسب إِلَى النّصْف وَمن شعره يصف مَا أحرق ابْن عباد من كتبه // (من الطَّوِيل) //
(فَإِن تحرقوا القرطاس لَا تحرقوا الَّذِي ... تضمنه القرطاس بل هُوَ فِي صَدْرِي)

(يسير معي حَيْثُ اسْتَقَلت ركائبي ... وَينزل إِن أنزل ويدفن فِي قَبْرِي)

(دَعونِي من إحراق رق وكاغد ... وَقُولُوا بِعلم كي يرى النَّاس من يدْرِي)

(وَإِلَّا فعودوا فِي الْمكَاتب بدأة ... فكم دون مَا تبغون لله من ستر)
وَمِنْه // (من الطَّوِيل) //
(أَنا الشَّمْس فِي جو السَّمَاء منيرة ... وَلَكِن عيبي أَن مطلعي لغرب)

(وَلَو أنني من جَانب الشرق طالع ... لجد على مَا ضَاعَ من ذكري)

(ولي نَحْو أكناف الْعرَاق صبَابَة ... وَلَا عزو أَن يستوحش الكلف الصب)

(فَإِن ينزل الرَّحْمَن رحلي بَينهم ... فَحِينَئِذٍ يَبْدُو التأسف وَالْكرب)

الصفحة 96