كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 26)

أَوَائِل رَجَب فَلم يُوجد لَهُ خبر وَنُودِيَ عَلَيْهِ [242] وَأرْسل قطز وَرَاءه إِلَى سَائِر النواحي فَلم يظفر بِهِ وَكَانَ هروبه فِي لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس عشر شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة
وَلم يزل مختفيا إِلَى أَن خرج الْأَمِير سيف الدّين طاز بالعسكر الْمصْرِيّ وَبعده الْأَمِير سيف الدّين شيخو فَأمْسك الْأَمِير سيف الدّين طاز شخصا أنكر أمره وَمَعَهُ كتب للحسام لاجين أستاذ دَار منجك فجهزه إِلَى السُّلْطَان فَسلم إِلَى الْأَمِير سيف الدّين صرغتمش فقرره فَأقر بِأَن منجك فِي دَار الحسام لاجين فَأمْسك وَضرب فَأقر فَتوجه صرغتمش إِلَى الدَّار وَأخرجه من مطمورة وطلع بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَكتب كتابا عَن نَفسه إِلَى أَخِيه الْأَمِير بيبغا وَهُوَ على دمشق بِأَن نخمد هَذِه الْفِتْنَة فَإِن فِي ذَلِك بَقَاء دوحة فَوجه الْكتاب إِلَيْهِ فَمَا أَفَادَ وَكَانَ إِمْسَاكه قبل طُلُوع السُّلْطَان إِلَى الشَّام بِيَوْم فِي أَوَائِل شعْبَان
وَقلت أَنا فِيهِ لما أمسك فِي الْمرة الأولى
(قد كَانَ منجك فِي الْأَيَّام مبجلا ... يسمو على النظراء والأقران)

(حَتَّى رمته يَد الزَّمَان بأسهم ... أبدا تصيب مقَاتل الفرسان)

(عجبا لَهُ من وسط مأمنه هوى ... كَذَا تكون طوارق الْحدثَان)

(لم يغنه ذهب تعاظم كنزه ... فمكانه سَام على كسوان)

(هَذَا بِذَاكَ وللزمان عجائب ... مِنْهَا تقلب حَالَة الْإِنْسَان)

(بَينا ترَاهُ عَالِيا فِي عزه ... إِذْ رَاح أَسْفَل ذلة وهوان)

الصفحة 22