كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 27)

(فاعكُف على خَلَس اللَّذَّات مُغتَنما ... فالدر فِي حربه تلوين حِرباء)
وَقَالَ
(شقّ الصّباحُ غِلالةَ الظلماءِ ... وانحلّ عِقدُ كوكبِ الجوزاءِ)

(وتكلّلَت تيجانُ أزهارِ الرُبى ... بغرائبٍ من لؤلؤِ الأنداء)

(وَجرى النسيم فجرَّ فَضلَ رِدائِهِ ... متحرِّشاً بمساقطِ الأنواء)

(وَعلا الحمامُ على مَنَابِر أيكَةٍ ... يُبدي فصاحةَ ألسُنِ الخُطباء)

(ودعا وَقد رقّ الهواءُ منّمقُ السِ ... ربال طابت زَهرةُ الصَّهْبَاء)

(لَو لم يكن مَلِكَ الطُّيُور لما انثنى ... بالتاج يمشي مِشيةَ الخُلَفاء)

(فاشرَب مُعتَّقةَ الطِّلا صِرفاً على ... رَقصِ الغصون ورنَّة المُكاء)

(من كفٍّ وطفاءِ الجفونِ كَأَنَّمَا ... يسْعَى بنارٍ أُضرمت فِي مَاء)

(فِي سحرِ مقلتِها وخمرةِ ريقِها ... دائي الَّذِي حُمِّلتهُ ودوائي)
)
(يَا قَاتل اللهُ العيونَ فَإِنَّهَا ... شَرَكُ العقولِ وَآفَة الْأَعْضَاء)

(يَا هَذِه مهلا فَلَو أنني ... لَا أنثَنِي عَن ذِمةٍ ووفاء)

(لبلغتُ مَا أَرْجُو بحدِّ مهندٍ ... ذَرِبٍ وعامِلِ صَعدةٍ سَمراء)

(وطرقتُ دارَك باللِوى فِي مَعشرٍ ... أخذُوا شجاعتَهم عَن الْآبَاء)

(وأبحتُ يَا أسماءُ معسولَ اللَّمى ... لهُمُ ووَردَ الوجنة الْحَمْرَاء)

(لَكِن ركنتُ إِلَى السُّلوّ وَلم أقُل ... أعزِز عليَّ بفُرقة الخلطاء)
وَقَالَ
(أنسيمُ برقٍ أم شَيمُ عَرار ... أَورَى بجانحتيه زّندَ أُوارِ)

(أم هزّ معطفَهُ الغرامُ فمزقت ... أَيدي الصَبابةِ عَنهُ ثوبَ وقار)

(أم باكرتهُ يدُ الْهوى بمُدامةٍ ... صِرفٍ فَبَاتَ لَهَا صريعَ خُمار)

(بل هزّ عِطفيه لنَوح حَمامةٍ ... هَتَفَت ودَمعِ غمامةٍ مِدرار)

(وعليلِ نفحةِ روضةٍ مطلولةٍ ... باحت بِمَا ضَمَتْ من الْأَسْرَار)

(مَا استنشقت مِنْهَا المَعاطِفُ بِلةً ... إِلَّا انثنَت فِي الْقلب جَذوةُ نَار)

(حَيْثُ الغصونُ تميس فِي كثبانها ... طَرَياً لسجعِ مَلاحنِ الأطيار)

(عبِثتْ بهَا أَيدي الصَبا فتمايلَت ... فَكَأَنَّمَا شربَت بكأس عُقار)

(ووتكللت تيجانُ أزهارِ الرُبى ... بفرائدٍ من لؤلؤِ الأمطار)

الصفحة 13