كتاب الوافي بالوفيات (اسم الجزء: 27)

(والنوال الْقَلِيل يكثر إِن شا ... ء مُرَجِّيك والكثيرُ يَقِلّ)

(غير أنّي رددتُ بِرَّك إِذْ كَا ... ن رِباً مِنْك والرِّبا لَا يحِلّ)

(وَإِذا مَا جَزَيتَ شعرًا بشعرٍ ... قُضِيَ الحقُّ وَالدَّنَانِير فضل)
فَلَمَّا عَادَتْ الدَّنَانِير حّلَّ الصُّرَّة وضمّ إِلَيْهَا خمسين دِينَارا أُخْرَى وردّها إِلَيْهِ وَحلف أَنه لَا يُعِيدهَا فَلَمَّا وصلت إِلَى البحتري قَالَ)
(شَكرتُكَ إنّ الشُّكرَ للْعَبد نعمةٌ ... ومَن يشكرُ المعروفَ فَالله زائدُه)

(لكلّ زمانٍ واحدٌ يُقتَدى بِهِ ... وَهَذَا زمانٌ أَنْت لَا شكّ واحدُه)
واجتاز البحتري مرَّة بالموصل أَو بِرَأْس عين فَمَرض بهَا مَرضا شَدِيدا وَكَانَ الطَّبِيب يخْتَلف إِلَيْهِ ويداويه فوصف لَهُ يَوْمًا مزَوَّرةً وَلم يكن عِنْده من يَخْدمه سوى غلامُه وَكَانَ بعض رُؤَسَاء الْبَلَد عِنْده قد جَاءَ يعودهُ فَقَالَ الرئيس لَيْسَ هَذَا الْغُلَام يحسن طبخها وَعِنْدِي طباخ من نَعتِه من صِفَتِه فَترك الْغُلَام عملَها اعْتِمَادًا على ذَلِك الرئيس وَقعد البحتري ينتظرها واشتغل الرئيس عَنْهَا ونسِيَ أمرهَا فَلَمَّا أَبْطَأت عَلَيْهِ وَفَاتَ وَقت وصولها إِلَيْهِ وَلم تَجِيء كتب البحتري إِلَى ذَلِك الرئيس
(وجدتُ وعدَكَ زُوراً فِي مُزَوَّرةٍ ... حلفتَ مُجْتَهدا إحسانَ طاهيها)

(فَلَا شفَى اللهُ مَن يَرْجُو الشفاءَ بهَا ... وَلَا علَت كفُّ مُلقٍ كفَّه فِيهَا)

(فاحبِس رسولَك عنّي أَن تجِيءَ بهَا ... فقد حبستُ رَسولي عَن تقاضيها)
حدّث أَبُو العَنبَس الصَّيمري قَالَ كنتُ عِنْد المتَوَكل والبحتري يُنشِده
(عَن أيِّ ثَغرٍ تبتسِم ... وبأيّ طَرفٍ تحتكِم)
حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله
(قل للخليفة جَعْفَر ال ... متوكّل بن المعتَصِم)

(والمجتدى ابْن المجتدى ... والمنعِم بن المنتَقِم)

(أسلم لدينِ محمدٍ ... فَإِذا سَلِمتَ فقد سَلِم)
قَالَ وَكَانَ البحتري من أبْغض النَّاس إنشاداً يتشدّق ويتزاور فِي مشيته مرَّةً جانباً ومرّة القَهقرى ويهُزّ رأسَه ومنكبَيه ويُشير بكُمه وَيقف عِنْد كلّ بيتٍ وَيَقُول أحسنتُ واللهِ ثمَّ يُقبِل على المستعين وَيَقُول مَا لكم لَا تَقولُونَ لي أحسنتَ هَذَا وَالله مَا لَا يُحسِن أحدٌ أَن يَقُول مثلَه فضجِر المتَوَكل وَقَالَ أما تسمع يَا صَيمري مَا يَقُول فَقلت بلَى يَا سَيّدي فمُر بِمَا أحببتَ فَقَالَ بحياتي اهجُه على هَذَا الرَّوِي فَقلت تأمُر ابنَ حمدون أَن يكْتب مَا أَقُول فَدَعَا بدواةٍ وقرطاسٍ وحضرني على البديهة أَن قلتُ

الصفحة 274