كتاب واجبات العمال وحقوقهم في الشريعة الإسلامية مقارنة مع قانون العمل الفلسطيني (اسم الجزء: 1)

الحالة الأولى: التجهيل، وهو" عدم تبيين الأمين حال الأمانة التي بيده عند موته، مع علمه بأنّ وارثه لا يعرف كونها أمانة عنده" (¬1)، وعند الحنفية تنقلب الأمانات إلى كونها مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاث حالات: الناظر إذا مات مجهِّلاً غلّات الوقف، والقاضي إذا مات مجهِّلاً أموال اليتامى عند من أودعها، والسلطان إذا أودع بعض الغنيمة عند الغازي، ثم مات ولم يبين عند من أودعها (¬2)، وقد وافق المالكية على ما ذهب إليه الحنفية ولكن بوجود اختلاف في التفصيل والتقييد والأحكام (¬3)، وكذلك الشافعية وافقوا المالكية (¬4)،وذهب الحنابلة إلى مثل ما ذهب الحنفية ونصّوا على ذلك في الوديع والمضارب والوكيل والأجير وعامل الوقف وناظره (¬5).
الحالة الثانية: العُرف، حيث ذهب بعض فقهاء الحنفية إلى اعتبار العُرف موجباً لتغيّر يد الأمانة إلى يد ضمان (¬6).
الحالة الثالثة: المصلحة، فقد ذهب المالكية في المشهور من مذهبهم إلى التضمين بناءً على المصلحة العامة وسدّاً لذريعة الفساد (¬7)، ووجه المصلحة في تضمينهم: أن الناس لهم حاجة ماسّة بالصنّاع، ومن ثمّ يغيب صاحب المتاع عن متاعه، والغالب على الصنّاع التفريط وعدم الحفظ، ولو لم يضمنوا لأدّى ذلك إلى نتيجتين، الأولى ترك الاستصناع بالكلية، والثانية: ضياع الأموال وظهور الخيانة. (¬8)
¬_________
(¬1) ابن نجيم، زين العابدين بن إبراهيم، الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان، طبعة عام 1980م، ص273، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
(¬2) المصدر نفسه، ص 326.
(¬3) مالك، المدونة، ج 15، ص149.
(¬4) النووي، يحيى بن شرف، روضة الطالبين وعمدة المفتين، ج5، ص 387، طبعة عام 1995م، دار الفكر، بيروت، لبنان. الباجوري، ابراهيم، حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزّي، ج2، ص30،طبعة عام 1930م، مطبعة عيس البابي وشركاؤه، مصر.
(¬5) البهوتي، شرح منتهى الإرادات، ج 2، ص336. الكرمي، مرعي بن يوسف، دليل الطالب لنيل المطالب، ص 293، ط1، 1996م، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
(¬6) ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص 109.
(¬7) ابن رشد، محمد بن أحمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، تحقيق عبد الحكيم محمد، ج2، ص364،بدون رقم طبعة، المكتبة التوفيقية، مصر.
(¬8) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، الاعتصام، تحقيق مشهور حسن آل سلمان، ج3، ص19،بدون رقم طبعة، مكتبة التوحيد، السعودية.

الصفحة 54