كتاب وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ماتت، وقد ضَرَبَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمي، ومن ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمه فقد شهد، وأمَّا قوله إنّي لم أتركْ سنَّة عُمر فإنِّي لا أطيقها ولا هو، فَأْتِه فحدِّثه بذلك " (¬١).
وإذا كان كبار الصّحابة لا يستطيعون سنّة عمر، فكيف لهم بسُنَّة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الّذي كان يُعْصَمُ بالوحي!

معاوية ستر للصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ
وحُبُّ أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الميزان فيه حُبُّ معاوية ـ رضي الله عنه ـ فلا تنفع محبة للصّحابة تنقصها محبّة أحد من أصحابه - صلى الله عليه وسلم -، ومن جرح واحداً من الصّحابة فهو المجروح دونهم!
قال أبو توبة الرّبيع بن نافع الحلبيّ: " معاوية ستر لأصحاب محمّد - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كَشَفَ الرّجلُ السّترَ اجترأ على ما وراءه" (¬٢) فهناك من يتجرّأ على معاوية ليجعل من ذلك مدخلاً للطّعن على غيره من الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
وقال الميمونيّ: قال لي أحمد بن حنبل: " يا أبا الحسن، إذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصّحابة بسوء فاتَّهِمْهُ على الإسلام " (¬٣).

دعوى أنّ يزيد لم يسلم من دم الحسن والحسين
أمّا الأخبار الّتي فيها اتّهام ليزيد بدم الحسن فلا تَصِحُّ، فقد ورد أنّ الحسن ـ رضي الله عنه ـ لم يكن متيقِّناً من قاتله، فإنّه لمّا أشرف الحسن ـ رضي الله عنه ـ على الموت دخل عليه الحسينُ فوجده يجود بأنفاسه الأخيرة، فسأله عن قاتله، فامتنع عن إخباره، فقد ورد أنّ
---------------
(¬١) أحمد " المسند " (ج ١/ص ٣٧٥/رقم ٤٩٠).
(¬٢) ابن كثير " البداية والنّهاية " (ج ٨/ص ١٣٩).
(¬٣) المرجع السَّابق.

الصفحة 273