كتاب وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)} [سبأ] فالقلّة القليلة شاكرة (¬١)، وقال تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)} [الواقعة] وقال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ... (٢٤)} [ص]. و {مَا} في الآية زائدة للإبهام والتّعجّب من قلّتهم.

طوبى لهذه الأمّة وحسن مآب!
من ثمرات طاعة الله تعالى والرّسول واتّباع هديه وسنّته: مواكبة النّبيّين، والصّدّيقين، والشّهداء، والصّالحين في دار النّعيم، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} [النّساء].
وكم هي الآيات والأحاديث الّتي تحمل بين طيّاتها بشرى لهذه الأمَّة، ومن ذلك ما أخرجه البخاري من طريق أنس بن مالك أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ رديفُهُ على الرّحل، قال: " يا معاذ بن جبل، قال: لبّيك يا رسولَ الله، وَسَعْديك ثلاثاً، قال: معاذ، قال: لبّيك يا رسولَ الله، وَسَعْديك ثلاثاً، قال: ما من أحد يَشْهَدُ أنّ لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله صدقاً من قلبه، إلاّ حرّمهُ اللهُ على النّار. قال: يا رسول الله، أفلا أخبرُ به النّاسَ؛ فيستبشروا. قال: إذاً يتَّكِلوا (¬٢). وأخبر به معاذٌ عند موته تأثُّماً (¬٣) " (¬٤).

الأوصاف الّتي شاركت بها أمتنا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -
وقد شاركت أمتنا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بأوصاف منها: أنّ الله تعالى قال للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
---------------
(¬١) المراد بالشّكر العمل، فالآية: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)} [سبأ]
(¬٢) نَهْيُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نهي تنزيه لا تحريم.
(¬٣) أخبر به خشية الوقوع في الإثم من كتمانه العلم.
(¬٤) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ١/ص ٤١) كتاب العلم.

الصفحة 285