كتاب وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

الخاتمة
{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ ... (١١٤)} [النّساء]
ممّا يدمي القلب أن تجد من يجترئ على كلام الله تعالى، وحديث الرّسول - صلى الله عليه وسلم -، وينتقد الصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ ويستطيل ويتطاول، ويهرف بما لا يعرف من فضول الكلام، ولا يقيم وزناً لقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)} [ق].
ولو أنّ هؤلاء يعقلون كلام الله لتوقّفوا، فالله تعالى يقول: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ... (١٥٧)} [الأعراف] ومن الخبائث المحرّمة: الكلام الخبيث، فقد قسّم الله تعالى في كتابه الكلام إلى خبيث وطيّب، فقال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ... (٢٤)} [إبراهيم] وقال: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ... (٢٦)} [إبراهيم] فليتق الله امرؤ مردّه إلى الله! فلا يقل إلاّ خيراً، ولا يعمل إلاّ صالحاً، فلا خيرَ في قول لا يرادُ به وجه الله {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)} [الرّوم].
وليعلم أنّ الله تعالى مدح الكلمة الطّيبة، فقال: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ... (٢٦٣)} [البقرة] وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ... ... (١٠)} [فاطر] وانظر كيف جعل الله تعالى العمل الصّالح الموافق للقول الطّيب هو الّذي يرفع الكلم الطّيب، فتدبَّرْ!
ووالله الّذي لا إله إلا هو إنّ كلّ إنسان يسعى بنفسه، فبائع نفسه لله تعالى بطاعته فيعتقها، وبائع نفسه للشيطان والهوى فيوبقها؛ فليحذر العاقل، وليتَّقِ الله، فآخر آية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ

الصفحة 287