كتاب وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين
وهذا نبيُّ الله سليمان ـ عليه السّلام ـ يقول: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)} [ص] ونبيّ الرّحمة يقول: " اللهمّ ارزق آل محمّد قوتاً " (¬١).
حدّثت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: " كان فراش رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من أَدَمٍ (جِلْد مَدْبُوغ) وحَشْوُه من ليف " (¬٢) وقالت: " ما شَبِع آلُ محمّد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ منذ قدم المدينة من طعام برّ ثلاث ليال تباعا حتّى قُبض " (¬٣).
فمن يداني رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بأخلاقه وصبره وزهده وإشفاقه على أمّته ... ! من يباري رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ الّذي أَمَره الله تعالى أن يصبر الصّبر الجميل، وأن يصفح الصّفح الجميل، وأن يهجر الهجر الجميل، قال تعالى:
{فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥)} [المعارج]، وقال تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥)} [الحجر]، وقال تعالى: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (١٠)} [المزمل].
أشدّ ما صنع المشركون بالنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ودفاع أبي بكر عنه!
سأل عروة بن الزّبير ـ رضي الله عنهما ـ عبد الله بن عمرو عن أشدّ ما صنع المشركون برسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقال: " رأيتُ عُقْبةَ بنَ أبي مُعَيْطٍ جاء إلى النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وهو يصلّي فوضع رداءهُ في عُنُقِهِ، فَخَنَقهُ به خنْقا شديداً، فجاء أبو بكر حتّى دَفَعَهُ عنه ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ... ... (٢٨)} [غافر] " (¬٤).
مقالة العاصي بن وائل وما أُنْزِل فيه من القرآن
كان خَبَّابُ بن الأرت ـ رضي الله عنه ـ رجلاً حدّاداً، وكان له على العاصي بن وائل
---------------
(¬١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ ص ١٨١) كتاب الرّقاق.
(¬٢) المرجع السَّابق.
(¬٣) المرجع السَّابق.
(¬٤) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٤/ص ١٩٧) كتاب أحاديث الأنبياء.