كتاب وجهة العالم الإسلامي

بمحض المصادفة- قوى الاستعمار. ولقد أغفل هذا الحكم الجانب الناطق من الموقف، وهو سرعة المناورة التي قام بها الجيش السعودي الفتي، فأحبط الخطة الاستعمارية بالاستيلاء على (الحديدة)، خلال أربع وعشرين ساعة، كما أسقط من حسابه موقف موسوليني الذي كان يطمع في احتلال اليمن (لمحاية الإسلام) .. !
ونحن إلى اليوم نجد انعكاس هذه النفسية العاطفية في صحافة الدول الإسلامية؛ فمنذ عهد قريب شهدت سورية ثلاثة انقلابات متعاقبة، ولم يكن من الصحافة العربية إلا أن أسيت على حالة القلق التي تعانيها الجمهورية السورية (¬1)، فلم يحاول مراسل صحفي واحد أن يتعقب سر الأحداث، فربما أدى به بحثه إلى ملاحظة أن وزارة الخارجية البريطانية لم تعد تدير الأمور على هواها في العالم العربي، فلقد حدث انقلاب (حسني الزعيم) دون علمها، كما أن صفيها (سامي الحناوي) قد طرد من الحكم دون أن تستطيع دفع الانقلاب، وكان انقلاب (أديب الشيشكلي) بدوره خير شاهد على أن العالم العربي يعرف منذئذ كيف ينظم نشاطه السياسي تنظيماً فنياً، مسترقاً أو متغفلاً جهاز المخابرات الإنجليزي البارع الدقيق (¬2).
هذا هو الجانب الجوهري من المسألة، لا ما أسيت له الصحافة العربية من اضطراب الأحوال في دولة لم تزل في مهدها.
وعودة إلى (البوليتيكا) تكشف لنا عما أصابنا خلال كارثة فلسطين، فلقد برهن القادة على عدم كفاءتهم للقيام بأبسط الأعمال، وإن كان من الواجب أن نستثني هنا السياسة السعودية التي دلت على وعيها، فلقد دل (ابن سعود) على أنه رجل الدولة العربي الوحيد، الذي أدرك منذ البداية خفايا القضية، فأمسك
¬__________
(¬1) الإشارة هنا إلى انقلابات حسني الزعيم وسامي الحناوي وأديب الشيشكلي.
(¬2) دلت على هذا بكل وضوح ثورة العراق.

الصفحة 102