كتاب وجهة العالم الإسلامي

بليل، وتقضي على جمهوريتهم الوليدة، أما عندما وصل (ماوتسي تونغ) إلى كانتون فإن هذه الملكة قد عدلت سياستها للمرة الثالثة في جاوة (¬1).
أما الوضع في الباكستان فيبدو لعين الناظر إليه أكثر استبهاماً واختلاطاً، والظاهر أن تشرشل كان يستهدف أهدافاً ثلاثة في الهند، وأنه قد بلغها فعلاً.
ولقد أراد أولاً أن يفوت على الاتحاد السوفييتي سلاحاً قوياً من أسلحة الدعاية والإثارة، فماذا عسى أن يكون وضع الهند المستعمَرة على حدود الصين الشيوعية في حرب عالمية ثالثة .. ؟
لقد استطاع (الثعلب الهرم) أن ينشئ في شبه القارة الهندية منطقة أمان، وبعبارة أخرى: حجراً صحياً ضد الشيوعية، ولكنه عرف أيضاً كيف يخلق بكل سبيل عداوة متبادلة بين باكستان والهند، وكان من أثرها عزل الإسلام عن الشعوب الهندية من ناحية، والحيلولة دون قيام اتحاد هندي قوي من ناحية أخرى؛ ولقد بذل هذا السياسي غاية جهده لتدعيم هذه التفرقة، وتعميق الهوة بين المسلمين والهندوس؛ تلك الهوة التي انهمرت فيها دماء ملايين الضحايا، من أجل هذا التحرر الغريب، فكان الدم أفعل في التمزيق من الحواجز والحدود، حتى إن (باتل) (¬2) كان يثور عندما يتحدث عن باكستان، بعد أن بذلت الرابطة الإسلامية أقصى وسعها لتشجيع أعمال الفوضى والاضطراب، أضف إلى ذلك مشكلة كشمير المزعجة، وهي ليست أقل عقبة في طريق الصلح بين الأخوين المتخاصمين.
¬__________
(¬1) نشرت إحدى الصحف الباريسية تحقيقا عن إندونيسيا بعد أشهر من كتابة هذد السطوار يؤيد فيه كاتبه (ميري برومرجيه) ما أذهب إليه، فهو يقول عن الوضع الجديد في أندونيسيا: ((ومع ذلك فإن الهولنديين الذين حضروا هذا المساء يبسمون في لطف واطمئنان، فلقد خسروا كل شيء في ظاهر الأمر، ولكنهم يستطعون أن يستعيدوا كل شيئ)). (صحيفة باري برس عدد 30 من آب (أغسطس) 1950) ..
(¬2) كان مستر (باتل) وزيرا للدفاع في أول وزارة هندية أعقبت الاستقلال.

الصفحة 105