كتاب وجهة العالم الإسلامي

فهل يدرك الأخوان المغزى الميكافيلي لما أعلنه أحد الزعماء الصهيونيين منذ عام حين قال: ((من الواجب أن تقوم بين الهند وإسرائيل علاقات وثيقة حتى نخضد شوكة الإسلام)) .. ؟ إن معنى ذلك- بالقول الفصيح- أن تندلع الحروب بين الدولتين التوءمين اللتين تتقاسمان الهند في عالمنا الحديث، غير أن ظلاً هائلاً قد انبسط على الخريطة، فإن الذين يحرضون (باتل) ضد باكستان، أو يدفعون باكستان ضد الاتحاد الهندي، يرون بأعينهم ظل (ماوتسي تونغ) وهو يمتد على طول جنوبي آسيا.
ويخطر لنا في هذا المقام أيضاً وضع سورية، فإنها لا تدين باستقلالها لمبدأ محرر، بل لمجرد الملابسات الدولية التي كانت تلوح في نهاية الحرب العالمية الثانية بنشأة دولة إسرائيل المقبلة، ومما لا جدال فيه أن الشعب السوري قد أفاد من هذا كله، وكانت تصرفات بعض الحكام فيما بعد في سورية تعبيراً عن عرفان بلادهم بجميل محرريها، فاتخذوا إجراءات معينة ضد إحدى الجماعات الإسلامية. وعلى هذا يرى بعض الساسة أن شعوب شمال إفريقية لن تستطيع الفكاك من ربقة الاستعمار إلا في ظروف دولية مشابهة (¬1)، أما نحن فنرى أن هذه الشعوب لن تبلغ تحرراً حقاً إلا إذا أعدت بنفسها أدوات تحررها إعداداً علمياً.
وهكذا تظهر لنا سذاجة الرأي الذي توحي به عناوين الصحافة الجزائرية، من مثل قولها: ((إن تحزير شعوب آسيا سيعقبه حتما تحرير الشعوب المستعمَرة في إفريقية)). فإن صيغة كهذه، توحي بفكرة زائفة عن آلية التحرر التي لا توجد بكل أسف إلا في عقل كاتب المقال، لأن تحرر بلد ما لا يحتم بداهة تحرر بلد آخر.
¬__________
(¬1) أثبتت الحرب الأخيرة أن الاستعمار الفرنسي لا يحرر المستعمرات وإنما يفقدها، ولا شك أن هذه هي الغاية التي يتجه نحوها، إذا ما أخذنا في اعتبارنا وضع كندا والهند فيما مضى، وإذا ما وجدنا (هوشي منه) يحرر كمبوديا ولاوس منذ عهد قريب.

الصفحة 106