كتاب وجهة العالم الإسلامي

ظهرت وانتشرت في مصر في بداية هذا القرن، وحسب المزيفون أنهم بذلك يقوضون أساس الفكرة الإسلامية الناهضة، بل لقد بلغت بهم القحة أن يهزؤوا بالمسلمين عندما انفضحت مكيدتهم، حتى لقد سمعت بنفسي أحد كبار الأساتذة في باريس وهو يعلن: ((هل المسلمون بحاجة إلى أن يحموا القرآن، والله (سبحانه وتعالى) قد وعدهم بحفظه .. ؟)).
ومهما يكن من شيء، فإن الاستعمار قد شاد (سياسته الاستعمارية) بمثل هذه الوسائل في التحريف والإفساد والتزييف، فهو بهذا مسؤول عن جانب كبير من فوضى العالم الإسلامي، وليس ممكناً في هذا المجال أن نهمل تفصيلاً، أو أن نلخص وقائع، ونركزها في مصطلحات منهجية، فإن النظام لا يفارق تفاصيله، فهي الشاهد المادي المباشر على مسؤوليته.
ولكنا لا ندعي هنا أننا نروي كل التفاصيل الشاذة، التي تتسرب إلى الحياة الإسلامية دون انقطاع، كما تندس حبات الرمل في أجزاء المحرك، بل حسبنا أن نقول: إن الاستعمار هو أفظع تخريب أصاب التاريخ.
بيد أن هناك تفاصيل تستحق أن نوردها، ومنها هذا المثال الذي تلقيناه بوصفه حادثاً عارضاً عادياً من حياة الشعب الجزائري، وهو يصور لنا موقفاً غريباً لتدخل الرجعية التي يريد بعثها الاستعمار الفرنسي، وكيف تصرف إزاءها أصحاب المبادئ الحديثة الحية، الصادرة عن إرادة الشعب. حدث هذا في مدينة (الأغواط)، حيث قضى سير الحياة الطبيعي على المرابطين وطريقتهم، فاختفت منذ بعيد من عادات الشعب وتقاليده، وبرغم هذا فوجئ الناس بضجيج كانوا قد نسوه، وذهلوا بأن رأوا مواكب غريبة تجوب أنحاء المدينة؛ كانت مواكب المرابطين.
ولكم كان كريهاً أن يستعرض هؤلاء أشكالاً فات أوانها، وتخلفت عن ركب

الصفحة 112