كتاب وجهة العالم الإسلامي

يعمل على زيادة وسائل إشباعها، فانتشر الغرام بكل ما هو (مستحدث) في جميع طبقات المجتمع.
ولعلنا لو رجعنا إلى سنوات الرخاء التي تلت الحرب العظمى عام 1925م، لرأينا تحت الخيام سيارات فاخرة رابضة يبيض فيها الدجاج ويفرخ، ورأينا صنابير الماء على أحواض من القاشاني في بيوت الطبقة المتوسطة، تزين غرف النوم الحديثة.
هذا كله اختلال وفشل، وهو يدل دلالة صريحة على أن المغرمين به إنما أغرموا بذوق الفنادق، أي أنهم أغرموا بالنظر إلى الأوربي في مظهره فحسب، ولقد أسهمت المرأة نفسها في هذه الرفاهة، فبدلاً من أن تعمد إلى تعلم فن حياكة ملابسها، وذوق هذا الفن لتستخدم القماش البسيط في أناقتها، نراها قد اكتفت بشرائها مجهزة مهيأة بيد الأوربية الحاذقة.
ولا شك أن هذا النوع من التطور ظاهري، وهو دليل على أن أصحابه قد اكتفوا بأن خلعوا على الشكل القديم لمضمون ما بعد الموحدين شكلاً حديثاً.
وكلما زادت الفئة المتخرجة من مدارس الغرب عدداً نمت هذه السطحية في المجتمع الإسلامي.
ولقد تخطت هذه الفئة شيئاً فشيئاً مرحلة المدرسة الاستعمارية المحلية، فإذا بطائفة من الشباب المثقف يقضون مدة تمرين في الجامعات الغربية، وبهذا تقترب الحركة الحديثة من كمالها- إن صح التعبير-، فيصبح مضونها الأخلاقي والاجتماعي ذا دلالة ترشد المباحث عن تاريخ هذه الحقبة.
فنظرُ الطالب المسلم إلى الحضارة خاضع للقيود النفسية التي صنعت بيئة ما بعد الموحدين، تلك التي تجعل للأمر أحد احتمالين: فهو إما طاهر مقدس، وإما دنس حقير، دون أن تعرف بينهما وسطاً، فهو حين انتقل من دراسة علوم

الصفحة 66