كتاب وجهة العالم الإسلامي

والطريقة الوحيدة لتعريف أسباب (الكف) والعطل تعريفاً فنياً، هي أن نحدد في أي الظروف تنتج عن الاستعمار، أو عن القابلية للاستعمار؛ وبهذه الطريقة يستطيع العالم الإسلامي، أن يحدد الوسائل المناسبة للقضاء على صنوف عجزه التي شلت حتى الآن جميع مشروعاته.
إن نجاح أي منهج- سواء اتصل بنظرية في السياسة أم في الإصلاح- مرتبط بتناول المشكلة من جانبيها معاً، فإذا نظرنا إلى جانب دون الآخر فقد غامرنا برؤية مشكله مزيفة (¬1).
ومن سوء المصادفة أن بتر المشكلة على تلك الصورة يتخفى عموماً في قناع (الوطنية)، الوطنية الهاذرة الباطلة.
أوليس من أنجع الوسائل لخدمة الاستعمار، أن يزمن عجزنا وشللنا، وأن تظل هذه الدماميل والقروح التي كانت تعدّ، منذ ثلاثة قرون أو أربعة، أمارات واضحة لمجتمع يمر بحالة التهيؤ للاستعمار؟
إن هناك نتيجة منطقية وعلمية تفرض نفسها، هي: أنه لكي نتحرر من (أثر) هو الاستعمار، يجب أن نتحرر أولاً من (سببه) وهو القابلية للاستعمار.
فكون المسلم غير حائز جميع الوسائل التي يريدها لتنمية شخصيته، وتحقيق مواهبه: ذلك هو الاستعمار؛ وأما ألا يفكر المسلم في استخدام ما تحت يده من وسائل استخداماً مؤثراً، وفي بذل أقصى الجهد ليرفع من مستوى حياته، حتى
¬__________
(¬1) إلى القارئ نص لماركس وهو الرجل الذي ليس بالمثالي أو الخيالي. وقد وجهه عام 1850 في صورة خطاب لمن أطلق عليهم (أدعياء الكيمياء الثورية) قال: ((إن هؤلاء الأدعياء يعدون الرغبة هي الدافع إلى الثورة، دون أن ينظروا إلى ما يجب توافره فعلاً، أما نحن فنقول للعمال: لسوف تقضون خمسة عشر عاماً أو عشرين أو خمسين في الحروب الأهلية والدولية، لا من أجل تبديل الأوضاع الخارجية فحسب، ولكن من أجل تغيير أنفسكم، لتصبحوا أهلاً لتولي السلطة السياسية)). خطاب إلى فينيش، أيلول (سبتمبر) 1850

الصفحة 95