كتاب وجهة العالم الإسلامي

فإذا ما طبقنا هذه الاعتبارات العامة على مجال النشاط السياسي، وجدنا أن هذا النشاط- لكي يكوّن علم اجتماع تطبيقياً لا مجرد نشاط فوضوي- يجب أن يقوم على مبدأين:
1 - أن نتبع سياسة تتفق ووسائلنا.
2 - أن نوجد بأنفسنا وسائل سياستنا.
ومن هذين الأصلين تنتج مرحلتان متتابعتان:
أولاهما:
مرحلة السياسة التي تتفق مع الوسائل الأولية الحاصلة، وهي الإنسان والتراب والوقت، وليس معنى ذلك أن نقصي الوسائل الثانوية التي تمنحنا إياها المصادفات أو الملابسات، ولكن علينا أن ندرك أن هذه الملابسات ليس هي القواعد الأساسية للسياسة، بل هي مجرد منح وإمكانيات مكملة تنعم علينا بها المصادفة، فلو أننا أفسحنا لها مكاناً في تقديرنا لأوشك أن نتورط في نوع من الشاعرية السياسية، والنتيجة الضرورية لتلك المرحلة هي تصفية القابلية للاستعمار والقضاء عليها قضاء مبرماً.
وثانيتهما:
مرحلة التغيير المتدرج لا بين أيدينا من وسائل بدائية كيما نحيلها وسائل أكل، فتكون قادرة على تعديل مختلف ظروف البيئة شيئاً فشيئاً.
وينبغي أن يكون من نتائج هذه المرحلة إلغاء الاستعمار في مختلف أشكاله، الخفية كما في اليمن، أو المستعلنة كما هي الحال بشمال إفريقية.
ومع ذلك فإن هذين المبدأين الأساسيين لا يستتبعان مطلقاً شكلاً من أشكال السياسة، بل المهم هو المضمون، أما الشكل فليأخذ أي طابع من طوابع النظم على اختلافها: جمهورياً، وملكياً، أو استبدادياً مطلقاً.

الصفحة 99