كتاب وسائل معالجة الفقر في العهد النبوي (أهل الصفة أنموذجا) (اسم الجزء: 1)

أبقيتُ لهم الله ورسوله، قلت: والله لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا) (¬1)، ومن تصدق بماله أو نصفه أو بعضه فهو بكل تأكيد سيذهب ماله في إعادة التوزيع على الفقراء والمعدمين، وهذا مِن طرُق تخفيف آلام الفقر، والحمد لله رب العالمين.

المَطْلَب الرابع: الحَثُّ على العمل
لقد دعا الإسلام في البداية إلى كسْب المال بالجهد والعمل؛ فقد قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)} (¬2)، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)} (¬3).
وتُبَيِّن لنا السنةُ النبوية أن العمل أشرف وسائل الكَسْب، فها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسْبِه، وإن ولده مِن كسبه» (¬4)، وعن المِقدام بن معدِ يَكْرِب الزبيدي، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما كسب الرجل كسبًا أطيب مِن عمل يده، وما أنفق الرجل عن نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة» (¬5)، وفي الحديث: «ما أكل أحد طعامًا قط خير من أن يأكلَ مِن عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل مِن عمل يده» (¬6).
¬_________
(¬1) سنن الترمذي كتاب: مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، باب (6/ 56)، برقم: 3675، وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (3/ 1699) رقم الحديث: 6030.
(¬2) سورة الجمعة: 10.
(¬3) سورة الملك: 15.
(¬4) سنن ابن ماجه، كتاب: التجارات، باب الحث على المكاسب، سنن ابن ماجه (3/ 269)، حديث رقم 2137، وقال في الحاشية: إسناده صحيح. ومسند أحمد (40/ 179) برقم 24148، وقال في الحاشية: حديث حسن لغيره، وهذا إسناد اختلف فيه على إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي.
(¬5) سنن ابن ماجه، كتاب: التجارات، باب الحث على المكاسب، سنن ابن ماجه (3/ 269)، حديث رقم 2138.
(¬6) صحيح البخاري، كتاب: البيوع، باب كسب الرجل (3/ 57)، حديث رقم: 2072، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر، (9/ 154).

الصفحة 17