كتاب وسائل معالجة الفقر في العهد النبوي (أهل الصفة أنموذجا) (اسم الجزء: 1)
وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءته هدية أكلها معهم، وإن كانت صدقة خصَّهم بها، فلما كثر الفتح وانتشر الإسلام خرجوا وتأمَّروا-كأبي هريرة وغيره- وما قعدوا. (¬1)
ويتضح أن أهل الصُّفَّة كما ورد من آثار يعملون إذا وجدوا فرصة لذلك، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1 - عمل بلال بن رباح مؤذنًا في مسجد الرسول الكريم.
2 - جاء في ترجمة الصحابي الجليل أبي الأصقع الليثي (أسلم قبل تبوك وشهدها، وكان من أهل الصُّفَّة، خدم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنين، ومات سنة 83 هـ وعمره مائة وخمس سنين). (¬2)
المطلب الثاني: الغنائم
جاء في التفسير الوسيط في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (¬3) قال ابن عباس في رواية الكلبي: هم أهل الصُّفَّة، صُفَّة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم نحو من أربعمائة رجل، لم يكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر يؤوون إليهم، فجعلوا أنفسهم في المسجد، وقالوا: نخرج في كل سريَّة يبعثها رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله، فحثَّ الله الناس على الصدقة عليهم، وكان الرجل إذا أكل وعنده فضل أتاهم به إذا أمسى. (¬4)
وقد ردَّ ابن تيمية الافتراء عليهم بتخلُّفهم عن الجهاد، فقال: وأما ما ذكر من تخلُّفهم عنه
¬_________
(¬1) تفسير القرطبي، (8/ 108).
(¬2) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/ 181)، عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544 هـ)، دار الفيحاء- عمان، الطبعة: الثانية- 1407 هـ، (ص: 181).
(¬3) البقرة: 273.
(¬4) الوسيط في تفسير القرآن المجيد، أبو الحسن علي النيسابوري الشافعي (المتوفى: 468 هـ) تحقيق عادل عبد الموجود، وآخرون، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 1415 هـ- 1994 م (1/ 388).