كتاب الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره

وأكثر ما على أبي الطيب أن يتبع أبا النّجم وأضرابه من شعراء العرب، فهم القدوة وبهم الائتمام، وفيهم الأُسوة.
وقوله:
فأرْحامُ شِعرٍ يتّصلْن لدُنّهُ ... وأرحامُ مالٍ ما تَني تتقطّعُ
فأنكروا تشديد النون من لدنّ، وإنما هو لدُنْ ولدْن؛ فأما تشديد النون فغير معروف في لغة العرب، وقد كان أبو الطيب خوطِب في ذلك فجعل مكان لدنّه ببابه، ثم احتجّ بما أذكره جملة. قال: قد يجوز للشاعر من الكلام ما لا يجوز لغيره لا للاضطرار إليه، ولكن للاتّساع فيه، واتفاق أهله عليه، فيحذفون ويزيدون، وروى أبياتاً منها:
إذا غاب غدواً عنك بلْعمّ لم تكن ... جليداً ولم تعطِف عليك العواطف
إنما هو ابن العم؛ ومنها قول قطري:
غَداة طغت عَلْماءِ بكر بن وائل ... وعُجْنا صدورَ الخيل نحو تميم
وقول لبيد:
درسَ المَنا بمُتالِعٍ فأبان
يريد المنازل.
وقول الآخر:
ثم تنادوا بعد ذاك الضّوْضا ... منهم بهاتِ وهلاّ وبابا
نادى منادٍ منهم ألاتا ... قالوا جميعاً كلهم ألاتا
آخر:
قد وعدَتْني أمّ عمرٍ وأن تا ... تدهن رأسي وتفلّيني وا

الصفحة 450