كتاب الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره

لم تر من نادمتْ إلاّكا
فأنكروا اتصال الضمير بإلا، وحق الضمير أن ينفصل عنها، وبذلك جاء القرآن. قال الله تعالى: (ضلّ من تدْعون إلا إيّاهُ) وهو الظاهر في قياس النحو، والمشهور عن العرب. وقد روى الفرّاء بيتاً عن العرب احتج به أبو الطيب واحتذى عليه:
فما نُبالي إذا ما كنتِ جارتَنا ... ألاّ يجاورَنا إلاّكِ ديّارُ
وأنا أرى أن لا يطالب الشاعر بأكثر من إسناد قوله الى شعر عربي منقول عن ثقة وناهيك بالفرّاء! وقوله:
أحادٌ أم سُداسٌ في أحادِ
وقد مضى في صدر هذه الرسالة المواضع التي أنكرت في هذا البيت: وقد كان أبو الطيب سئل عنه فأجاب عن قولهم: إن سداساً غير محكي عن العرب، وأن أهل اللغة يزعمون أنهم لم يزيدوا على رُباع، وإنما هي ألفاظ معدولة يوقف به على السماع بأن قال: إنه قد جاء من العرب خُماس وسُداس الى عُشار؛ حكاه أبو عمرو الشيباني وابن السّكيت، وذكره أبو حاتم في كتاب الإبل، وزعم أبو عبيدة في المجاز أنه لا يعلمهم قالوا فوق رُباع؛ وهؤلاء ثقات لم يحكُموا إلا ما علموا، وقد جاء ذلك في الشعر. قال الكميت:
فلمْ يستريثونك حتى رميْ ... تَ فوق الرّجال خِصالاً عُشارا
آخر:
ضربت خُماس ضربة عبْشَمي ... أدار سُداس أن لا يستقيما

الصفحة 457