كتاب الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره

كما رأيت في المَلاء البَرْدَجا
يريد الرقيق؛ وهو بالفارسية برْده. وقال:
كالحبشيّ التفّ أو تسبّجا
يريد لبس قميصاً، وإنما هو بالفارسية شَبِي فعربه بسَبيجة ثم صرّف منه فِعلاً، في أبيات غيرها.
فليس بمحظور على الشاعر الاقتداء بهم في أمثال ذلك إذا احتاج إليه؛ فأما المحدَثون فقد اتّسعوا فيه حتى جاوزوا الحدّ لما احتاجوا الى الإفهام، وكانت تلك الألفاظ أغلبَ على أهل زمانهم، وأقربَ من أفهام منْ يقصدون إفهامه.
وقد أفرط أبو نواس حتى استعمل زنمرده، وبازبنده، وباريكنده، وغير ذلك، فإن كانت اللفظة مسموعةً عن العرب على ما حكاه أبو الطيب، فقد زالت الكلْفة، وإن لم تكن محفوظة فما رويناه من أمثالها عن العرب والمحدثين يعتذر عنه، ويقوم بحجته.
وقوله:
ليس التعلل بالآمال من أرَبي ... ولا القُنوعِ بضنْكِ العيش من شيَمي
قالوا: القُنوع خطأ وإنما هي القناعة، فأما القُنوع فالمسألة، يقال: قَنَع يقنَع قناعة؛ إذا رضي، وقنع يقنَع قُنوعاً؛ إذ سأل والفاعل فيهما قانِع.
قال المحتج: الرواية المسموعة هي:
ولا القناعة بالإقلال من شيَمي

الصفحة 462