كتاب الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره

للمتنبي. وأضعف من إلحاق هذه الهاء إسقاط الياء في قلباه؛ وإنما الوجه واحر قلبِياه، وكذلك: وانقطاع ظهرياه، لأن الياء إنما تسقط حيث يحذف التنوين من المنادى، فلما كنت تقول: يا زيد فتحذف التنوين قلت واغلاماه، فأسقطت الياء، ولو قلت واغلام غلامياه أثبت الياء؛ لأنك تقول في النداء يا غلامَ زيدٍ فتنون المضاف الى المنادى، ولك في المفرد إثبات الياء تقول: واغلامياه، وإذا جاء موضع تثبت فيه النون فليس غير إثبات الياء؛ هذا الذي عليه جِلّة النحويين وحُذّاقهم، وقد أجاز بعضم إسقاط الياء في هذا الموضع، وهو في الشعر أقوى منه في الكلام.
وقوله:
حملْتُ إليهِ من ثَنائي حديقَةً ... سَقاها الحِجَى سقْيَ الرياضِ السّحائِبِ
قالوا: فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول؛ وإنما يفصل بينهما بالظروف والحروف وما أشبههما؛ لقول الشاعر:
لما رأت ساتيدَما استعْبَرتْ ... لله درّ اليوم منْ لامَها
ساتيدما: جبل؛ يقال: ما طلعت عليه الشمس إلا أريق فيه دم، معناه لله درّ من لامها اليوم. وقول الآخر:
كتَحْبير الكتاب بكفِّ يوماً ... يهوديّ يقارب أو يزيل
وقول الآخر:
كأن أصواتَ من إيغالهن بنا ... أواخر الميْس أصوات الفراريج

الصفحة 464