كتاب الوساطه بين المتنبي وخصومه ونقد شعره

وقال غيره: إن الكلام جار على طريقته، غير محتاج الحمل على القلْب، وإنما المراد كيف تكون المنية غيرَ العشق؛ أي أن الأمر المتقرِّر في النفوس أنه على مراتب الشدة هو الموت، وإني لما ذقت العشق فعرفت شدّته عجبت كيف يكون هذا الأمر الصعب المتّفق على شدّته غير العشق، وكيف يجوز ألا تعم علته فتستولي على الناس، حتى تكون مناياهم منه، وهلاك جميعهم منه.
وقوله:
شَديدُ البُعدِ من شُربِ الشّمولِ ... تُرُنْجُ الهند أو طلْعُ النخيل
قالوا: المعروف من العرب الأترُج والترُنْج مما يغلط به العامة، فقال أبو الطيب: يقال أترجة وأترج وترنج، حكاها أبو زيد، وذكرهما ابن السّكيت في أدب الكاتب.
وقوله:
فِدًى من على الغَبراءِ أوّلهم أنا ... لهذا الأبيّ المائد الجائد القرْمِ
قالوا: لم يُحْك عن العرب: الجائد، وإنما المحكي عنهم رجل جواد، وفرس جواد، ومطر جواد.
قال المحتج: هذا الباب يستغنى فيه بالقياس عن السماع لاطّراده، واتّساق أمره على الاعتدال، فكل فعل في الكلام يقتضي التصريف الى فاعل ومفعول، وكل فعل فله مُفعِل ومفعَل، ولسنا نحتاج في مثل هذا الى التوقف واتباع المسموع، وهذا أشبه بمذاهب القياس، والأصل الذي عليه أهل اللغة.
وقوله:
خلائقٌ لو حَواها الزَّنجُ لانقلَبوا ... ظُمْيَ الشِّفاهِ جِعادَ الشّعْرِ غُرّانا

الصفحة 470