كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 2)

على الياء وذكر في تلك الصفحة (تلايم) (كذا) بمنزلة مصدر لتلاءم. والأصح أن يقال (تلاؤم) وفي ذلك الوجه غير هذه الأغلاط وذكرها يجرنا إلى ما لا طائل تحته ولا سيما لأننا لا نرى فيه سوى نظم فارغ بل أفرغ من فؤاد أم موسى ولا أثر للشعر فيه هذا عدا الأغلاط الكثيرة التي تنفر بوجهك في كل صفحة من صفحات هذا التصنيف فتثير السأم في صدرك، وتنفرك من إتمام المطالعة.
وأما من جهة الموضوع فأن حضرة صديقنا ووطنينا أرصد هذا الجزء (للنبوة) في مطاوي البحث خرج عنها إلى مواضيع شتى ذكر فيها نتفاً من جميع العلوم العقلية والنقلية، الأصلية والفرعية، الطبيعية والغيبية، المعروفة والمجهولة، الغريبة والمألوفة، المسموعة والمنبوذة، حتى أن المطالع لا يأتي على صفحات منه إلا ويتصور أمامه فلك نوح عليه الصلوة والسلام الذي كان فيه زوج من أصناف جميع الحيوانات من طاهرة ومن نجسة. فما هكذا تؤلف الكتب. نعم أن أجدادنا العرب الأقدمين كانوا يجرون في هذه الطريق لقربهم من عهد نوح. وأما اليوم فأن القرآء يريدون أن يسيروا سريعاً راكبين أجنحة البخار أو وميض البرق أن تصنف الأسفار مفرغة في قالب متقن فلا تخرج عنه وأن مست الحاجة إلى العدول عنه يجعله الكاتب على منحاة من قارعة البحث ويعلقه حاشية وأنت ترى هنا أن الجري في الفروع المستطردة أكثر من الجري في الأصول التي وضع كتابه لها. ولهذا كان يحسن بالكاتب أن يذكر في المقدمة الغاية التي دفعته إلى وضع هذا الجزء الثاني ويختط فيها لنفسه الخطة التي يسير عليها بعد ذلك في تضاعيف الكتاب حتى لا يختلط عليه الحابل بالنابل وإلا فأن الأبحاث ضائعة في هذه الفيافي الواسعة الأكناف.
ثم إن الدعوة إلى شيء لا تكون بتقبيح ما قد أغرم به الإنسان؛ بل تكون بذكر حسنات المرغب فيه ومزاياه الحسنى على ما سواه والحال أن الكاتب يعيب على البروتستان قحتهم وخشونة عبارتهم وهو يفوقهم في ذلك حتى كاد ينسينا كتابهم. أفهكذا تكون أوصاف الدعاة ولا سيما من يصنف في (الدعوة الإسلامية)؟
فنحن نتوقع أن يكون الجزء الثالث أوقع في النفس وأعلق بالقلب وافصح عبارة والطف إشارة وأوفى بالمراد وآنس للعباد بمنه تعالى وكرمه!

الصفحة 582