كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 3)

أما بناء دور شفاثا فجلها إن لم نقل كلها باللبن والطين لا غير ومسقفة بجذوع النخل ومغماة السطوح (أي مفروش على سطوحها الطين) وفي شفاثا سوق واحد صغيرة يباع فيها الحنطة والشعير والتمن (أي الأرز) والتمر والثياب (أي الأقمشة) على اختلاف أنواعها.
وقد أخبرني مدير شفاثا الحالي الحاج سليم أفندي رواية عن المعمرين من أعراب تلك الجهة أن شفاثا لم تكن قبل مائة سنة تقريباً سوى بربة فيها بعض النخيلات لا ساكن فيها غير أن البدو الرحل كانوا ينزلونها أحياناً وكانت مساكن أهل شفاثا إذ ذاك في عين التمر. ولما نضب ماء عين التمر وجرى ماء شفاثا الكبيرة رحل أهل شفاثا عن عين التمر ونزلوا حول عين شفاثا الكبيرة وبنوا دورهم الحالية وأخذوا يغرسون النخيل منذ ذلك الحين وكانت العين في أول أمرها صغيرة ثم توسعت مع الزمان حتى بلغت مبلغها اليوم.
أما اليوم ففيها من النخل المثمر (الحمال) مقدار 500 ألف نخلة (رأس) ويبلغ مسافة نخلها نحو خمس ساعات والنخلة مغروسة بجنب أختها لصقاً وفي الطرف الشمالي من شفاثا بين النخيل (قصر شمعون) وهو قصر قديم البناء قد تهدم أكثره راجع وصفه في المجلد 2:
540 من لغة العرب.
ولا يزال قوت أهل شفاثا التمر والدبس لأنهم لا يتعاطون مهنة غير مهنة غرس النخل حتى أنهم قبل عامين أخذوا يزرعون الحنطة، والشعير، وألقت (الجت) والخيار والبانجان، والباميا أو البانيا، والطماطة أو الباندوري. وما يجري مجراها من أنواع الخضر. وكذلك أخذوا يغرسون في بساتينهم شجر التين، والخوخ، والمشمش، والتوت (لنكي) والبرتقال، والليمون (النومي) وأهل كربلاء من العجم يسمونه الليمو بكسر اللام) والعنب والرمان وما أشبه.
وأهل شفاثا يكثرون من شرب الشاي الترياق (أي الأفيون) وترى في وجوههم صفرة تمازجها سمرة وأكثرهم قضيفو الأبدان ولهم عادات وأخلاق أخرى لا يسع المقام شرحها.
3 - من شفاثا إلى الأخيضر
وفي صباح يوم السبت الساعة 2و20 دقيقة عربية ركبنا من شفاثا قاصدين الأخيضر وكان

الصفحة 30