كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 3)

سألنا غير واحد من أدباء الحاضرة: هل كلمة عنفص عربية الأصل؟ وإن لم تكن فمن أي لغة هي؟ وما هي معانيها المتعددة؟
قلنا: جاء في تاج العروس: العنفص بالكسر. . . والنون زائدة وفيه خلاف. . . المرأة البذيئة. عن الأصمعي، أو القليلة الحياء عن أبى عمرو، وخص بعضهم به الفتاة وأنشد الجوهري للأعشى:
ليست بسوداء ولا عنفص ... لسارق الطرف إلى ذاعر
وقال الليث: هي القليلة الجسم؛ وقال ابن دريد: هي الكثيرة الحركة في المجيء والذهاب. ويقال هي الذاعرة الخبيثة وأنشد شعر:
لعمرك ما ليلى بورهاء عنفص ... ولا عشه خلخالها يتقعقع
وقال ابن عباد هي القصيرة: وقال ابن السكيت: هي المختالة المعجبة. قال ابن فارس: هو من عفصت الشيء: إذا لويته. كأنها عوجاء الخلق وتميل إلى ذوي الذعارة. وقيل العنفص: جرو الثعلب الأنثى والعنفص أيضاً: السيئ الخلق من الرجال، والعنفصة المرأة الكثيرة الكلام. وهي أيضاً المنتنة الريح. كل ذلك عن ابن عباد. أهـ كلام اللغوي.
فيتضح من ذلك أن العنفص هي الأنثى الخبيثة، الذاعرة، القليلة الحياء والجسم، (امرأة كانت أو ابنة) الكثيرة الحركة في المجيء والذهاب، المنتنة الريح المتعوجة الخلق. وهذا كله على ظننا مأخوذ من اليونانية (وهي باللاتينية وهي عندهم اسم امرأة شهيرة بخبثها وفسادها ولكثرة شرها وعبثها كانت تظهر بمظاهر مختلفة أو تتغول (كما يقول العرب) على حد تغول الغول. والفرنسيون يقولون وهي الفصحى وهي دونها فصاحةً. وقد قال الأقدمون في وصفها: إنها شبح أو طيف أنثى كانت تنفذها هبكات أو عكاظ (وهبكات معبودة هي القمر حينما يحجبه السحاب أو الضباب) إلى الناس ولا سيما إلى المسافرين منهم لتخيفهم في طريقهم أو تفتك بهم أو تمتص دماءهم. والعنفص توافق كل الموافقة لغول العرب ولعل العرب أخذوا حكايات الغول والخرافات التي تتعلق بها عن اليونان الذين أخذوها عن قدماء الشرقيين كالكلدان والآشوريين والبابليين والمصريين إذ اقتبسوا منهم
أشياء كثيرة ترجع إليهم في الأصل. ويوافق هذا الوصف أيضاً بعض الموافقة لما يسميه الإفرنج فامبير وهو الذي سميناه

الصفحة 43