كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 3)

الأدباء والكتاب. ويا حبذا لو اقتفى كتابنا أثر كتبة الغرب الذين يسعون سعياً حثيثاً وراء إحياء معالم أسلافهم، وتدوين مآثرهم، وتخليد ذكرهم، في بطون التواريخ وصفحات الدفاتر إذ التفتيش عن تراجم رجالنا الأقدمين والمحدثين وجمع متفرقها وضم شتاتها ونشرها بين القوم مما يثير الغيرة الوطنية في الصدور ويحرك الجامدين ويجري ماء الحياة في عروقهم للجري على منوال أسلافهم وإن شئت فقل أن ذلك مما يدفع ناشئتنا الحديثة وشبابنا إلى الإقتداء بأجدادهم وتقليدهم في سيرهم، في اجتماعاتهم، في خطبهم، في آدابهم، في مناظراتهم، لا بل بأعظم شيء نفاخر به الأمم أي بوفرة عظمائنا وكثرة أدبائنا ونحن إن تابعنا هذه الأبحاث ونشرناها على صفحات الجرائد والمجلات نكن خلدنا لقطرنا وأمتنا ذكراً جليلاً، وعزاً خطيراً، ومجداً فخيما، وفخراً عظيماً، لا تمحوه الدهور ولا العصور.
2 - أسرة الألوسي
ومن البيوتات ذات الشرف الباذخ، والمجد الشامخ، والمقام الرفيع، والدرجة العليا في العلم والفضل، أسرة الآلوسي التي تنسب إلى آلوس وهي جزيرة في وسط نهر الفرات على خمس مراحل من بغداد فر إليها أجداده من وجه هلاكو التتري عندما دهم بغداد وفتك بأهلها ومنذ نحو ثلاثمائة سنة رجع أبناؤه إلى الزوراء ولبثوا فيها حتى الآن. وقد نبغ من هذا البيت رجال فضلاء، أدباء، بلغاء فصحاء. ألقى إليهم الأدب مقاليده، فخدموا الآداب العربية ونشروا أثارها وجمعوا متفرقها، وأحيوا أمواتها، وهم والحق يقال أنهم رؤساء النهضة العربية في عراق العرب بعد أن بقى زمناً طويلاً يحن إلى سامق مجده نادباً أبطاله، راثياً مدارسه ومعاهده؛ وممن أشتهر من هذه الأسرة الرفيعة العماد السيد محمود شهاب الدين الآلوسي وأخواه عبد الرحمن وعبد الحميد، وكانوا من أبناء القرن التاسع عشر، رضعوا كلهم افاويق الأدب وذهبوا في فنونه كل مذهب فوقفوا على أسراره ودخائله وميزوا غثه من سمينه وصحيحه من عليله. وهانحن نبدأ بترجمتهم تخليداً لذكرهم، واعترافاً بفضلهم.
3 - السيد محمود شهاب الدين الآلوسي
1: نسبه وولادته وأوائل نشأته - هو أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود

الصفحة 69