كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 3)

لتوسيع حجم كتابه؛ مع أن الحقيقة هو أنه يهرب من ذلك هربه من الأفعى.
ومما ذكره في ص 39 قوله: (فترى مما تقدم أن أهل تلك النهضة (العباسية) لم يكونوا يستكفون من اقتباس الألفاظ الأعجمية ولم يتعبوا أنفسهم في وضع ألفاظ عربية لتأدية المعاني التي نقلوها عن الأعاجم، بل كانوا كثيراً ما يستخدمون للمعنى الواحد لفظين من لغتين أعجميتين. فالسرسام مثلاً أسم فارسي لورم حجاب الدماغ استعمله العرب للدلالة على هذا المرض ولما ترجموا الطب من لغة اليونان استخدموا اسمه اليوناني وهو (قرانيطس) ولو استكفوا من استخدام الألفاظ الأعجمية لاستغنوا عن اللفظيين جميعاً). أهـ كلامه - قلنا إن المترجمين أو المعربين لم يكونوا جميعهم من طبقة واحدة فإن الضلع منهم كانوا يعربون الألفاظ معنىً لا مبنىً. فيقولون مثلاً علم الحساب ولا يقولون (الأرثماطبقي). وعلم الفلك أو النجوم لا (الأسطرونومية) وعلم المنطق لا (اللوجيقي) وعلم الإيقاع أو
الغناء لا (الموسيقي) بخلاف الظلع فإنهم عربوا الألفاظ تعريباً لفظياً وذلك إنهم لبسوا الأعجمي لباساً عربياً وقالوا له إنك عربي فأذهب بسلام على الطائر الميمون. ثم إن الذين استعملوا الألفاظ الأعجمية الفارسية هم غير الذين اتخذوا الألفاظ اليونانية فليسوا هم إذاً بعينهم كما يفهم من قرائن كلام حضرة الكاتب؛ والذين كانوا يدخلون ألفاظ لغة أعجمية كانوا يجهلون أن غيرهم أدخلوا غيرها بمعناها من لغة أخرى أو كانوا يجهلون أن لها مقابلاً في العربية. وفي ذلك العهد كما في هذا العصر كان الضالع والضليع، وابن اللبون الخريع، والبازل القريع، ومنهم من يعلم الألفاظ الاصطلاحية ومنهم من يجهلها وكان أمر النقل من لغة إلى لغة في ذلك العهد اصعب مراساً من هذا اليوم لقلة شيوع الكتب واستلزام نسخها أو نقلها وغلاء ثمنها وعدم وجود المطابع والمعاجم على الوجوه الميسرة المقربة المعروفة اليوم لدينا. وعليه يكون في قول حضرة كاتبنا الفاضل مغالطة ومجازفة.
هذا فضلاً عن إن السرسام غير الفرانيطس (بالفاء) عند المحققين. نعم إن بعض جهلة النقلة قالوا ذلك وبذلك؛ لكن بين أن يكونوا محقين وأن يكونوا محقوقين فرق كفرق ما بين الثرى والثرياء. فإن السرسام لفظ مركب من (سر) أي رأس (وسام) أي ورم أو مرض. وأما قرانيطس بالقاف فهو خطا والأصح إنها فرانيطس بالفاء أجل. إنها وردت في كثير من مؤلفات الطب بالقاف ظناً أنها من قرانيون

الصفحة 77