كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 4)

هكذا كنت وجدتها في ذاكرتي ولذلك فحالما يتبين لي ما يترجح معه عدم صحة الرواية فليس ثم ما يحملني على التمسك بها وبكل طيبة نفس اطرح عني عبء المحافظة على ما بدر مني من الرأي فيها ولكني لا أزال (معربطا) اشد عربطة أن جون وجونه ودون
ودونه) وسائر الأسماء التي ذكرناها أعلاه هي سامية الأصل وكان يسمى بها المدن والآلهة والناس. ولا أزال أيضا اعتقد أن (قرية حدشة) لم تكن اسما للمدينة التي بنتها المستعمرة الصورية سنة 869 قبل المسيح بل هي اسم لقرطاجة (أي المدينة الجديدة) التي بناها هؤلاء في أسبانيا أو لقرطاجة الأفريقية (المدينة الجديدة) التي جدد بناءها يوليوس قيصر كما أظن على موقع المدينة القديمة وعلى غاية القرب منه. والأرجح أن قطعة النقد التي يقول تلميذي العزيز أن أمامه صورة منها وأنه مكتوب على جانبها الواحد بالحرف الفينيقي (قرث حدشة) وعلى الأخر (تحنة) هي من ضرب قرطاجة الأسبانية أو من ضرب (قرث حدشة) الأفريقية التي جدد بناؤها موخرا كما ذكرنا. على أني ارجح أنها من ضرب قرطاجة الأفريقية بدليل ما هو مكتوب على جانبها الأخر اعني لفظة (تحنة) كما سأذكره فيما يأتي:
عزيزي أمين. أنت تعلم أن المبادئ الفيلولوجية وعلم مخارج الحروف وانقلاباتها لا تجوز لنا أن نحول (قرث حدشة) إلى قرطاجنة ولا أن نرد (قرطاجنة) إلى (قرث حدشة) ((إلا بصعوبة كلية لا نعدل إليها إلا مضطرين) ولكنها تجوز

الصفحة 5